جدل واسع تصدر الواجهة السياسية والإعلامية خلال الايام القليلة الماضية حول نظام الحكم في تونس وضرورة تغييره من برلماني الى رئاسي ، الأمر الذي خلق بلبلة على الساحة السياسية سيما في هذه الفترة الحساسة التي تمر بها البلاد على جل الأصعدة. و لئن خلق طرح هذا المقترح من طرف رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ضجة واسعة، فقد تدعمت هذه الضجة بإعلان الأمين العام لحزب "حركة مشروع تونس"، محسن مرزوق، السبت الماضي، ضرورة العمل على تغيير النظام السياسي في تونس من نظام برلماني إلى نظام رئاسي معدل. ورأى متابعو الشأن السياسي أن مرزوق يسعى الى استعادة ثقة السبسي من جديد والتقرّب إليه ل"غاية في نفس يعقوب" من أجل قلب الموازين من جديد في الساحة السياسية ، مرجعين اقتراح مرزوق لمسألة تغيير الحكم في هذه الآونة بالتحديد وتزامنا مع دعوة السبسي لنفس الشيء ، ليس سوى من أجل كسب ودّ السبسي من جديد. وكان حزب حركة مشروع تونس قد دعا إلى اعتماد النظام الرئاسي في البلاد بدلًا من النظام البرلماني المعدّل الذي يقره الدستور الحالي. وقال محسن مرزوق، في تصريح صحافي، إن "نمط الحكم الحالي أثبت فشله". وأوضح مرزوق أن "النظام الرئاسي سيجعل السلطة التنفيذية في يد رئيس الجمهورية المنتخب مباشرة من الشعب، الذي سيكون بدوره مسؤولًا عن تعيين رئيس الحكومة واختيار تشكيلتها، بالتشارك مع رئيسها المعين". وأضاف أن النظام الرئاسي سيجعل السلطة التنفيذية متركزة في جهة واحدة واضحة تقود البلاد وتتحمّل المسؤولية وتحاسب. وجاءت تصريحات مرزوق بعد تسريبات نشرتها وسائل إعلام محلية الأسبوع الماضي تفيد بأن الرئيس الباجي قائد السبسي سيتقدم يوم 20 مارس الذي يوافق ذكرى إعلان استقلال البلاد عن فرنسا، بمبادرة تشريعية لتغيير نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي. وكان السبسي دعا في حوار لجريدة "الصحافة" سبتمبر الماضي إلى "ضرورة إعادة النّظر في طبيعة النظام السّياسي في البلاد"، دون اقتراح نظام بديل. وقطعت تونس منذ إسقاط نظام الرئيس المخلوع بن علي مع النظام الرئاسي الذي حكم البلاد طيلة ستة عقود. ولا يوضح الدستور، الذي أقر عام 2014، طبيعة النّظام السياسي، إلاّ أنّ توزيع الصلاحيات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية جعل منه نظامًا شبه برلماني. ويجابه النظام السياسي الحالي في تونس بالكثير من الانتقادات من قبل العديد من الأطراف السياسية التي ترى فيه مكبّلا للسلطة ولا يمنح الفائز بالانتخابات شرعية الحكم ومن ثمة تحمل المسؤوليات السياسية. ومن جانبه، رد الأمين العام لحزب "التيار الديمقراطي"، غازي الشواشي، على دعوات تغيير النظام السياسي قائلا "يبدو أن الأطراف التي تعودت في الماضي على مناشدة رئيس البلاد إلى الترشح مرة ثانية وثالثة ورابعة وكانت تسترزق من هذه "الصنعة" اشتاقت إلى أيام زمان لذلك نراها في المدة الأخيرة تطالب بتغيير النظام السياسي من برلماني معدل إلى رئاسي أو حتى رئاسوي لعلها تنجح في تحقيق مطلبها وتعود إلى صنعتها القديمة". ومن جانبه، تسائل النائب عن حركة النهضة محمد بن سالم "لماذا العجلة في تقييم نظام سياسي لم نستكمل تجربته ونحكم عليه في فترة قصيرة لا تتجاوز بضع سنوات والحال أن الدول الديمقراطية لا تفكّر في التغيير إلا بعد تجربة النظم السياسية ومنحها فرصة تُقارب العقد من الزمن أو أكثر". ويتطلب إدخال تعديل على الدستور توافقا سياسيا وشروطا قانونية محددة، فالأغلبية المطلوبة للتعديل تحت قبة البرلمان تصل إلى ثلثي أعضائه كما يتطلب ذلك ضرورة استشارة المحكمة الدستورية وموافقتها، وهي لا تزال معطلة في أروقة البرلمان والمجلس الأعلى للقضاء ولم يتم تركيزها وإرساؤها بعد.