خمسة أيام مرت على بدء الأساتذة تنفيذ قرار تعليق الدروس بالمعاهد والمدارس الإعدادية ، دون أن تلوح في الأفق أي بوادر انفراج في الملفّ في ظلّ التصعيد المتبادل بين الطّرفين الحكومي والنقابي والمفخّخ بالتهديد والوعيد بينهما. ومن المنتظر أن ينعقد اليوم لقاء الجهات لقطاع التعليم الثانوي لتقييم مسار تعليق الدروس ، ودعت الجامعة الى عقد إجتماعات على مستوى المؤسسات ومن ثم إجتماعات جهوية للخروج بتقييمات ومواقف ومقترحات موحّدة على مستوى جهوي لطرحها في لقاء الجهات غدا الأحد والخروج بموقف موحّد على المستوى الوطني. وبالتوازي مع تعليقهم للدروس، كان الأساتذة قد نفذوا تجمعات احتجاجية امام المندوبيات الجهوية للتربية بكل الجهات ، وتحوّلت بعض الوقفات الإحتجاجية الى مسيرات للأساتذة كما كان الحال بولاية سوسة. وقد أعلنت الجامعة العامة للتعليم الثانوي أن نسبة المشاركة في تعليق الدروس في حدود معدّل 98 بالمائة عموما . وفي أول ردّ له على تعليق الدروس، دعا رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى استئناف الدروس في قطاع التعليم الثانوي وتسليم الأعداد، معتبرا أن الإضراب المفتوح الذي يخوضه الأساتذة صار يهدد السنة الدراسية والامتحانات الوطنية، قائلا "مستقبل مئات الآلاف من أبنائنا بات مهددا.. إذا تواصل الأمر ستصبح السنه البيضاء أمرا واقعا". وشدد رئيس الحكومة، في كلمة ألقاها مساء الجمعة عبر القناة الوطنية الأولى، على ضرورة أن تتحمل كل الأطراف مسؤولياتها لإنقاذ السنة الدراسية، داعيا إلى استئناف الدروس وتسليم الأعداد يوم الاثنين القادم ، كما تعهد بانطلاق الحوار مع الطرف النقابي بداية من التاريخ ذاته. وأضاف "أنا متأكد أن الأغلبية الساحقة من الأساتذة مع إنجاح السنة الدراسية.. دورهم إرجاع الدروس ودورنا الالتزام بالحوار". وقال " لدينا اليوم فرصة لتفادي سنة بيضاء"، مضيفا "وجب أن تعود الدروس والأعداد.. نعود للحوار.. أطلب من الجميع تغليب صوت العقل والحكمة والمصلحة الوطنية". وفي تعليقه على خطاب الشاهد، قال الامين العام للإتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي خلال التجمع العمالي بقفصة السبت 21 أفريل 2018 ان خطاب رئيس الحكومة امس تضمن لهجة التهديد مؤكدا أن الإتحاد لن يتراجع عن مطالبه المشروعة و ذلك في تصريح لاذاعة "اكسبراس" وكشف الطبوبي أن يوسف الشاهد اتصل به قبل 15 دقيقة من كلمته ليبلغه بمحتوى الخطاب مشيرا إلى انه قد رضاه مما جاء في الكلمة في البداية الا انه تفاجأ عند سماعها حيث تم تغييرها 180 درجة وهو ما يؤكد أن رئيس الحكومة لا يتحكم بقراراته وفق تعبيره . وبخصوص امكانية سنة بيضاء أكد الطبوبي أن اتحاد الشغل سيقوم ب"انجاح السنة الدراسية بامتياز ". و دعا في هذا الإطار رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي إلى التدخل العاجل من اجل حل الازمة قائلا " اوجه نداء عاجل لرئيس الجمهورية للتدخل و ايجاد الحلول لان تونس في خطر كبير جدا ". ومن جانبه، وصف الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم الثانوي لسعد اليعقوبي رئيس الحكومة بالخطاب " الملغوم". وشدد اليعقوبي فى تصريح لشمس اف ام على أن خطاب رئيس الحكومة فيه الكثير من الاستفزاز للاساتذة وهياكلهم النقابية من أجل دفعهم لقرارات تصعيدية. وتابع قائلا "خطاب الشاهد هو خطاب من أجل الدفع لمزيد التصعيد ،خاصة وأن الشاهد يخطط لسنة دراسية بيضاء وفق تعبيره. وقال اليعقوبي "الشاهد لم يات بالجديد ومازال على مواقفه القديمة ،خاصة وأنه مازال يدعو لمفاوضات مشروطة ،ألا وهي رفع قرار حجب الأعداد وتعليق الاضراب فى قطاع التعليم الثانوي. واضاف قائلا "الشاهد لم يتقدم خطوة واحدة الى الامام. وتابع قائلا "حديث الشاهد عن سنة دراسية بيضاء يعبر عن انعدام الحد الادنى من المسؤولية لدى رئيس الحكومة الذي يفترض أن يقدم للرأي العام تطمينات وليس تخوفيات". و اعتبر اليعقوبي إن مواصلة رفض الحكومة التفاوض هي بمثابة حرب على جامعة التعليم الثانوي والاتحاد العام التونسي للشغل ومواصلة المضيّ في ابتزازه لتغيير موقفه من الملفات الكبرى عبر المساومة بمطالب الأساتذة. حيث يؤكّد الكاتب العام لجامعة التعليم الثانوي سبب فشل كل محاولات امين عام اتحاد الشغل لحلحلة الأزمة هو توجّه الحكومة للمساومة ومقايضة ملف التعليم الثانوي بتنازل الإتحاد وتغيير موقفه في علاقته بعدد من الملفّات على رأسها القطاع العام والصناديق الاجتماعية. كما ان الحكومة وفق اليعقوبي تدفع نحو حالة من الاحتقان الشعبي بين المربين والأساتذة برفض التفاوض وبين الاولياء والأساتذة عبر ترسانة إعلامية وبالسير في اتجاه المس بالامتحانات الوطنية والسنة الدراسية والتي شدّد على التزام الجامعة والأساتذة بأنها لن تكون سنة بيضاء. ومن جهته، اعتبر الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، حفيظ حفيظ تصريحات رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، حول أزمة التعليم الثانوي "سابقة" و"سياسة هروب إلى الأمام". واستنكر في تصريح لاذاعة "جوهرة أف أم" على هامش اجتماع نقابي بالكاف، الشروط التي قدمها رئيس الحكومة والتي أكد من خلالها أنه لا يمكن فتح باب التفاوض إلا بعد التراجع عن قرار حجب الاعداد و تعليق الدورس، مشيرا إلى أن ذلك يمثل "ضربا لأبجديات الحوار الاجتماعي"، وفق تعبيره. وأوضح حفيظ أن الاتحاد سيعقد الاثنين المقبل هيئة إدارية لتدارس هذا الملف و"للرد المناسب"، وكذلك لدراسة عديد المفات الأخرى خاصة فيما يتعلّق بعدم التزام الحكومة ببنود وثيقة قرطاج.