بعد مخاضٍ عسير، أخيرا يجد التونسيون أنفسهم اليوم وجها لوجه مع صناديق الإقتراع للإدلاء بأصواتهم واختيار ممثليهم في المجالس البلدية، في خطوة أولى للقطع مع المركزية وخلق سلطة القرار المحلّية. اليوم الأحد 6 ماي 2018 هو التاريخ الموعود الذي لطالما انتظرته تونس، وهاهو يأتي بعد أكثر من 7 سنوات على اندلاع شرارة ثورة الحرية والكرامة، لتشهد تونس أول انتخابات بلدية ديمقراطية في تاريخها، لتسجّل بذلك هدفًا إضافيا في مسارها الانتقالي. محطّة لطالما ارتقبتها البلاد ، بصبر نافذٍ ، تأجّلت في أكثر من مناسبة وتعطّلت لأكثر من سبب، وها نحن ذي رغم كلّ الصعاب قد أدركنا هذا الاستحقاق الفريد من نوعه ليس في تونس وحسب بل في كامل المنطقة العربية والإقليمية. ولعل تمكن تونس من إنجاح أربع محطات انتخابية واستعدادها لإنجاح المحطة الانتخابية الخامسة، هو خير دليل على سير البلاد على السكّة الصحيحة لمسارها الديمقراطي؛ انتخابات يجمع جل المتابعين والمحللين على أنها سوف تحدد وجهة تونس، وكذلك محيطها الإقليمي والعربي. ويتوجّه التونسيون اليوم إلى مراكز الإقتراع بمختلف أنحاء البلاد البالغ عددها 359 مركزا ل350 بلدية، أي بمعدل مركز اقتراع على مستوى كل دائرة انتخابية ، انطلاقا من الساعة الثامنة صباحا إلى غاية الساعة السادسة مساء، لتقفل بعدها مراكز الاقتراع. وستتوزع أصوات الناخبين بين 2074 قائمة متنافسة في المعركة الانتخابية البلدية ؛ المنقسمة بين 860 قائمة حزبية و159 قائمة ائتلافية و1055 قائمة مستقلة.. و يحثّ أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على ضرورة التوجه إلى مراكز الاقتراع والمشاركة في الانتخابات البلدية بكثافة من أجل تكريس الديمقراطية وتكريس الباب السابع من الدستور المعني بالسلطة المحلية . وينص الباب السابع من الدستورعلى أن تقوم السلطة المحلية على أساس اللامركزية، كآلية لإعادة توزيع السلطات وتعديل أدوار السلطة المركزية والجماعات المحليّة في مختلف جهات البلاد. وتجرى الانتخابات البلدية في تونس استنادا لقانون الانتخاب الجديد الذي يفرض وللمرة الأولى في تاريخ تونس المناصفة في الترشيحات على اللوائح الحزبية والمستقلة والائتلافية، بين النساء والرجال. وبناء على هذا القانون الصادر في 2014، بلغت نسبة المرشحات للانتخابات البلدية، 48 في المئة، ما من شأنه أن يساهم، وللمرة الأولى في تاريخ تونس، في وصول شابات بدأن نشاطهن السياسي مع ثورة 2011، إلى مواقع المسؤولية. كما سجلت مشاركة مهمة للشباب في الانتخابات البلدية التي فاقت 50 بالمائة، وهو ما يعتبر تغيراً مهماً في المشهد السياسي. ويضم السجل الانتخابي نحو 5,3 مليون ناخب، 52 في المئة منهم من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة. وينص القانون على ألا يتجاوز عمر الشخص الثالث في القائمة 35 عاما، وأن يكون بين كل أربعة مرشحين في القائمة شاب لا يتجاوز عمره 35 عاما. ولعلّ فرادة هذه الانتخابات تكمن في عُنصريْ التّشريك الهام للنّساء والشباب ، وإقحامهم في أدوار صنع القرار بشكل مباشر ، من خلال إتاحة الفرصة لهم لتقلّد مهامّ في مجالس بلدياتهم . وقد دعا رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الشعب التونسي إلى المشاركة بكثافة في الانتخابات البلدية، مؤكدا أن هذه الانتخابات "حدث هام جدا" في تاريخ تونس. وقال السبسي في كلمة توجه بها إلى الشعب التونسي، إنه يتوجب على التونسيين التجنّد والمشاركة في التصويت وممارسة واجبهم، مبينا أنه رغم التشكيكات التي رافقت الانتخابات السابقة في 2011 إلا أن تونس واصلت طريقها وتجربتها الديمقراطية رغم أنه لم يكن أحد يتخيل ان يتواصل المسار الديمقراطي طويلا، ولكنه استمر بفضل عزيمة وإصرار التونسيين على إنجاح هذه التجربة، مشيرا إلى أن الشعب التونسي لن يتأخر ليقيم الدليل على أنه سينجح في المسار الديمقراطي. وأضاف قائلا: "الدستور التونسي يمنح التونسيين الحق في تقرير المصير وبإمكانهم التصويت واختيار من يمثلهم، والشعب التونسي لن يتأخر في ذلك، وأعتقد أن الجميع سيُحسن الاختيار"، مبينا أنّ التونسيين قادرون على تقديم رسالة للعالم مفادها أنهم مواصلون في طريق الديمقراطية وسيحسنون اختيار من سيسيرون البلديات. وبدورها ، دعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات جل التونسيين الى المشاركة في عملية التصويت للانتخابات البلدية . و في هذا السياق نشرت الهيئة على صفحتها الرسمية الفايسبوك تدوينة جاءت كالتالي :" امشي صوت نهار الأحد 6 ماي 2018 في الانتخابات البلدية وشارك في صنع القرار في جيهتك … ماتنساش تعمل تصويرة بعد ما تكمل تنتخب وابعثهالنا في ميساج inbox .