منذ إدراجها ضمن القائمة السوادء لأكثر الدول عرضة لتمويل الإرهاب وتبييض الأموال، تعمل تونس جاهدة للخروج منها بشتى الطرق لعلّ أبرزها جملة من الإجراءات المتعلقة بعدد من التشريعات تسعى من خلالها إلى النأي بنفسها عن مأزق القائمة السوداء. وفي خضم هذا الشأن، اقترح كلّ من وزير العدل ووزير الداخلية عددا من الإجراءات التي تُعنى بملف مكافحة الإرهاب، ممّا يعكس المساعي والجهود الحكومية للخروج من لائحة التصنيفات السوداء الأخيرة للاتحاد الأوروبي. ومن جهته، أقرّ وزير العدل بضرورة مراجعة قانون مكافحة الإرهاب حتى يتناسب مع المعايير الدولية وذلك بالتنصيص صراحة على القرارات الأممية المتصلة بتمويل الإرهاب أبرزها منع أسلحة الدمار الشامل. وأفاد الجريبي بأن الحكومة قررت مراجعة قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال، بما يتلاءم مع تشريعات محليّة ودولية. يذكر أن الحكومة قد طلبت مؤخرا من مجلس نواب الشعب تعديل عدد من القوانين، من بينها قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال، في مسعى لتدارك وضعها وللتخلص من تصنيفها ضمن القائمات السوداء. وجاءت هذه الخطوة بعد نحو 3 أشهر من تصنيف تونس في القائمة السوداء للدول الأكثر عرضة لتمويل الإرهاب وغسيل الأموال، وفي قائمة الدول التي تعد ملاذا ضريبيا. و تتمثل أهم محاور تعديل القانون ، وفق وزير العدل ، في إرساء الإطار القانوني والمؤسساتي، وتوفير الإجراءات اللازمة لتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بمنع تمويل انتشار التسلح، وإرساء آلية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل وتمويله. وفي السياق ذاته، لفت الجريبي إلى أن "نص القانون الذي تشكّلت بموجبه اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب، أسند للأخيرة صلاحية متابعة تنفيذ القرارات الأممية ذات الصلة بتمويل الإرهاب، دون التنصيص صراحة على القرارات الأممية المتصلة بمنع أسلحة الدمار الشامل، وهذا ما سيتم إضافته في نص القانون". وكان الناطق باسم الحكومة إياد الدهماني، قد صرح بأن "الحكومة قدمت للبرلمان روزنامة تشريعية تضم قوانين ذات أولوية تتطلب مراجعة وتعديلا في علاقة بالتصنيفات التي عرفتها تونس مؤخرا". وأوضح الدهماني أن "من بين هذه القوانين التي تتطلب تعديلا قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال والسجل التجاري والعديد من القوانين المتعلقة بالبنوك العمومية وتعزيز دعائمها". ومن جانبه، قال رئيس لجنة التشريع العام بالبرلمان الطيب المدني إن "نواب المجلس ناقشوا مع رئيس الحكومة مسألة التعديل وهو يمس أساسا غسيل الأموال لأن العلاقة بينه وبين الإرهاب تكاد تكون حتمية". و تابع القول إن "كل إرهابي هو بحاجة لأشخاص لديهم أموال بالعملة الصعبة أو إلى تبييض الأموال عبر واسطة"، مشيرا إلى أن "دعوة الحكومة لتعديل القانون تخدم مسألة مكافحة الإرهاب". ولفت المدني الى أن "لجنة التشريع العام بالبرلمان مطالبة بالنظر في التعديلات ووضعها على جدول أعمالها"، مستدركا "لكن حاليا الأولوية لقانون التصريح على المكاسب والإثراء غير المشروع وتضارب المصالح بالقطاع العام". من جانب آخر، خلال جلسة الإستماع إلى وزير الداخلية لطفي براهم بمجلس نواب الشعب، وضّحَ تفاصيل التعديلات وقال إنّ "الأحكام الواردة بالفصل 57 جديد تتعارض مع الفصل 8 وستقف عائقا أمام عمل الوحدات الأمنية المختصة في مكافحة الإرهاب". وأشار براهم إلى أن "تحديد مدة الاختراق ب4 أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة فقط غير كاف"، مقترحا التوسع في ذلك وإدراج أحكام خاصة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، مع تمكين ممثل عن القطب الأمني لمكافحة الإرهاب من عضوية اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب. كما دعا وزير الداخلية إلى سنّ قانون ينظم إسناد المكافآت للمبلّغين عن الجرائم الإرهابية في خطوة لتعزيز جهود مكافحة الإرهاب، مشددا على أنه أصبح من المهم اعتماد المكافآت المالية لإضفاء فعالية أكبر على مكافحة الإرهاب. وقال وزير الداخلية "المكافآت المالية من أهم الآليات المعتمدة في مجال مكافحة الإرهاب والوقاية منه في جل دول العالم باعتبار أنها تساهم بصورة فعّالة في التحفيز على الإبلاغ عن مرتكبي تلك الجرائم". وعلى خلاف قانون مكافحة الإرهاب، يقرّ القانون التونسي لمكافحة الفساد مكافأة مالية للمبلّغين عن جرائم الفساد المالي. ويدفع وزير الداخلية بأن يتم اعتماد الخطوة نفسها في مجال مكافحة الإرهاب. وأوضح الوزير "نقترح أحكاما تنص صراحة على إسناد مكافآت مالية للمبلّغين عن الجرائم الإرهابية واتخاذ إجراءات لحمايتهم".