بعد سنوات من الركود الذي خيّم على القطاع السياحي في تونس نتيجة الأوضاع الاقتصادية المضطربة والهجمات الإرهابية التي استهدفت هذا القطاع الحيوي، بدأت السياحة التونسية تعيش نوعا من الانتعاش. و تكشف مؤشرات وأرقام الموسم السياحي الأخير عن قفزة استثنائية حققتها السياحة والتي تمكنت من تحقيق انتعاش كبير وتجاوز الأزمات والخسائر الفادحة التي ضربت القطاع خلال السنوات الماضية. وقد سجلت المؤشرات السياحية نسقا تصاعديا إيجابيا منذ مطلع العام الجاري، بما يحيي آمال وزارة السياحة في تجاوز حدود ثمانية ملايين سائح خلال الموسم السياحي الحالي، وضمان تدفق عائدات هامة من النقد الأجنبي الذي يحتاجه الاقتصاد التونسي بقوة. وفي خضم هذا الشأن، أكد الرئيس السابق للجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة محمد علي التومي، إن "المؤشرات تنبئ بموسم سياحي طيب خاصة على مستوى عدد الوافدين على تونس". وأوضح أن زوار تونس الأجانب سيكونون أساسا من الجزائريين والأوروبيين (من فرنساوإيطاليا وألمانيا). وقد تطرق لقاء جمع كلا من رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد ، الثلاثاء، في قصر الرئاسة بقرطاج بشكل خاص إلى الإجراءات المتخذة لضمان حسن سير الموسم السياحي الصيفي وعودة التونسيين المقيمين خارج الوطن. و عادت الأسواق السياحية الأوروبية، خاصة فرنسا وألمانيا، بقوة إلى الوجهة السياحية التونسية التي تعد وجهة مفضلة بالنسبة لسياح هذه البلدان. وتنتظر تونس، وفق توقعات رسمية، استقبال أكثر من 8 ملايين سائح هذه السنة، مقابل 7 ملايين سائح خلال العام الماضي، وفروا عائدات بقيمة 2.8 مليار دينار . كما تستهدف تحقيق إيرادات من قطاع السياحة هذا العام بقيمة 3.5 مليار دينار . وفي خضم هذا الشأن، أكدت الأرقام التي قدمتها وزارة السياحة على أن الفترة الممتدة من الأول من جانفي إلى غاية 20 ماي الماضي ، قد شهدت تطورا في نسبة السياح الفرنسيين الذين زاروا تونس بنحو45 في المائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، وهي نسبة تفوق التوقعات الأولية المرصودة من قبل الهياكل السياحية التونسية وهذا ما جعل إجمالي الوافدين من الفرنسيين يتجاوز 222 ألف سائح. وأضحت تونس من ضمن الوجهات الأربعة الأولى التي اختارها الفرنسيون للاصطياف خلال هذه الصائفة، وتأتي مباشرة بعد إسبانيا وإيطاليا والبرتغال. كما تشير التوقعات إلى أن أكثر من 600 ألف فرنسي يعتزمون القدوم إلى تونس هذه الصائفة، وقد يصل الرقم إلى 850 ألف سائح فرنسي، وهي نفس الأرقام التي كانت مسجلة قبل 2011. كما عرفت السوق السياحية الألمانية تطورا بنسبة 42 في المائة، فيما حققت السوق الروسية بدورها زيادة بنسبة 57 في المائة، كما سجلت أسواق أوروبا الشرقية هي الأخرى تطورا إيجابيا فضلا عن زيادات هامة في أسواق بلجيكا وإسبانيا وكذلك إيطاليا وهولندا. وبالنسبة للسوق البريطانية، فقد أكدت وكالة الأسفار العالمية «توماس كوك» المنظم الكبير للأسفار في القارة الأوروبية، أن كثافة الإقبال على تونس جعله يزيد من عدد رحلاته الجوية غير المنظمة على تونس من 3 رحلات منذ فيفري،الماضي، إلى 11 رحلة مع مطلع الصيف الحالي، وذلك بهدف تلبية الطلب على تونس التي قدمت عروضا عائلية منافسة جدا للوجهات السياحية الأخرى. ويقدر المندوب المحلي للسياحة في المنستير فواز بن حليمة أن تكون نسبة الحجوزات 100 بالمئة في جميع نزل الولاية خلال شهري جويلية وأوت من السنة الحالية. وأكد بن حليمة أن هدف المسؤولين على قطاع السياحة في تونس يتمثل في تنويع الأسواق والانفتاح على أخرى جديدة إلى جانب زيادة الاهتمام بالأسواق التقليدية. ولفت إلى أنه منذ أسبوعين استقبلت تونس وفدا سياحيا من كازاخستان، بالإضافة إلى عودة السوق البريطانية في وقت سابق. ويقدر القائمون على قطاع السياحة بجهة المنستير عدد السياح بحوالي 15 ألفا أغلبهم من روسياوفرنسا وبريطانيا. وقال المندوب المحلي للسياحة بالمنستير إن نسبة السياح المقيمين في نزل المنستير وصلت إلى 89 بالمئة حاليا، متوقعا أن تبلغ النسبة خلال شهري جويلية وأوت القادمين ال100 بالمئة. ووفق ما أفاد به المندوب المحلي للسياحة بجندوبة هشام المحواشي، فقد عاد النشاط السياحي في شمال تونس أيضا إلى نسقه الطبيعي، حيث سجلت مؤشرات أعداد الوافدين وفترات الإقامة في النزل بمدينة طبرقة تطورا بنسبة 5 بالمئة في الأيام القليلة الماضية. وأكد المحواشي أن المؤشرات السياحية تشير إلى موسم سياحي قال إنه سيكون "واعدا". وبحسب نفس المصدر فمن المتوقع أن القطاع سيشهد انتعاشة خلال شهري جوان وجويلية من السنة الجارية، إذ سيزور تونس عبر المعابر الحدودية البرية حوالي 390 ألف جزائري.