ترسانة من الملفات الحارقة تطوق عنق المركزية النقابية و كل ملف يجذبها من جهة لتجد نفسها في أكثر من مناسبة عالقة في عنق الزجاجة ، في الوقت الذي توجه إليها عديد الانتقادات حول انحيازها في بعض الآونة عن دورها النقابي و خلطها كلا من النقابي والسياسي في إناء واحد من جهة ، و عن عدم انسجام قراراتها بتطلعات منظوريها من جهة أخرى .. ويرى متابعو الشأن السياسي أن الدور المتصاعد للمركزية النقابية، في إدارة شؤون البلاد، قد تجاوز الدور النقابي في الدفاع عن منظوريها من العمال إلى التدخل بقوة في الشأن السياسي ، وهو ما يظهَر بالخصوص في مواقف اتّحاد الشغل تجاه تركيبة الحكومة ومردوديتها وإصراره الملحّ على إجراء تحوير وزاري صلبها ، فضلا عن مواقف قيادات الاتحاد وتصريحاتهم المعادية لحكومة يوسف الشاهد والتي الغاية منها فقط ضربها. ولعل دعوة اتحاد الشغل الأخيرة للبرلمان الى التحقيق في مسألة ما إذا تلقت الحكومة اموالا بريطانية لتهدئة الأوضاع ، خير دليل على الوشاح السياسي الذي بات يتلحف به الاتحاد. وكانت المنظمة الشغيلة يد دعت مجلس نواب الشعب إلى «مساءلة» حكومة يوسف الشاهد حول الأنباء التي تؤكد تليقها دعمًا من الحكومة البريطانية لقمع الاحتجاجات الشعبية في البلاد. وطالب الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل سمير الشفي، البرلمان بمساءلة حكومة يوسف الشاهد حول تقرير نشرته صحيفة «الغارديان» يتعلق بتلقي الحكومة التونسية لتمويل من الحكومة البريطانية بهدف التصدي للاحتجاجات الشعبية الرافضة لقانون المالية مطلع العام الحالي، معتبرًا أن هذه الأنباء-في حال ثبتت صحتها- تعدّ "فضيحة سياسية وفسادًا عابرًا للقارات". وأشار إلى وجود «تناقض» بين تعليق الحكومة والسفارة البريطانية على ما نشرته «الغارديان»، مضيفًا «اتحاد الشغل يرفض أن تُرصد أموال من الخارج لضرب الديمقراطية الناشئة في تونس وحرية الإعلام، فهذا منزلق خطير جدًا (...) ولا بد من المساءلة ليتحمل كل من له يد في هذه المسألة مسؤوليته، أو لتوضيح الأمر إذا كانت هذه الأخبار مغلوطة"، مشيرًا إلى أن «المس بسيادة تونس مهما كانت الجهة أمريكية أو أوروبية أو عربية أمر مرفوض». وكان تقرير «الغارديان» أكد تعاقد لندن مع وكالة «M&C Saatchi» البريطانية، المعروفة بإعلاناتها السياسية القوية لحزب المحافظين، لإدارة حملة إعلامية تستهدف الجمهور التونسي، في محاولة لكسب أصوات الناخبين عقب احتجاجات جانفي الماضي. في المقابل نفى إياد الدهماني، الناطق باسم الحكومة ما نشرته «الغارديان»، مؤكدًا أن الحكومة التونسية لم تتعاقد إطلاقًا مع أية شركة دعاية لتبييض صورتها بعد الاحتجاجات الأخيرة، مشيرًا إلى أن "التعاون مع المملكة المتحدة، يتم في إطار اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم الممضاة بين الحكومة التونسية والحكومة البريطانية". غير أن لويز دي سوزا، السفيرة البريطانية في تونس، أكدت بعد ساعات أن الحكومة البريطانية اتفقت مع وكالة «M & C Saatchi " للقيام بحملة لصالح الحكومة التونسية حول الإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها، لكنها أشارت إلى أن هذه الحملة الدعائية كانت بطلب من الحكومة التونسية وهدفها هو "توعية المواطنين بالإصلاحات الاقتصادية التي تنجزها الحكومة". وامام تضارب تصريحات السفيرة البريطانية والناطق باسم الحكومة، نشرت السفارة البريطانية بلاغا أكدت فيه أن الحكومة البريطانية لا تموّل أي حملة إعلامية لصالح الحكومة أو ضد الاحتجاجات الاجتماعية، مشيرة إلى أن الحكومة البريطانية تقدّم المساعدة التقنية فقط لتونس، من خلال برامج التنمية التي تساعد القطاع العام على التعامل مع الشعب التونسي بطريقة شفافة.