لا يزال الوضع المالي في تونس متفاقما في ظلّ ما يعيشه الدينار التونسي من تغيرات و انخفاض مستمر في قيمته ، و خاصة بعد أن كشفت البيانات الرسمية للبنك المركزي أن مخزونه من العملة الصعبة في تراجع مستمرّ رغم الاجراءات الترقيعية التي وضعها ما يحيل إلى مدى تفاقم الوضعية الماليّة التي تمرّ بها البلاد.. وفي أكثر من مناسبة، أطلق البنك المركزي صيحة فزع حول تآكل مخزونه من العملة الصعبة رغم الاجراءات الترقيعية التي وضعها ما يحيل إلى مدى تفاقم الوضعية الماليّة التي تمرّ بها البلاد . وقد سلط التقرير السنوي 2017 للبنك المركزي الضوء على التراجع الذي تشهده احتياطاته من العملة الصعبة في السنيتن الأخيرتين اذ ذكر أنه في ما يتعلق بمستوى صافي الموجودات من العملة الأجنبية، فقد عرف تقلصا ليتراجع بين نهاية سنة وأخرى، من 12.935 مليون دينار و112 يوما من التوريد في موفى سنة 2016 إلى 12.885 مليون دينار و93 يوما من التوريد في نهاية سنة 2017. البنك المركزي التونسي اليوم بنشر تقريره السنوي 2017 وكان تقرير فيتش رايتنغ قد اشار ايضا الى تأثير تدخل البنك المركزي لدعم الدينار في الاحتياطي من العملة الأجنبية حيث بلغ ما يعادل 72 يوم توريد في ماي الجاري مقابل 111 في نهاية 2016 و93 يوم في نهاية 2017. وتوقعت فيتش رايتنغ أن ترتفع الديون الخارجية الصافية إلى 75.6 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2019. أي ضعف مستواها قبل 5 سنوات. كما خفضت موديز التصنيف الائتماني غير المضمون للعملة الأجنبية في البنك المركزي التونسي من B1 إلى B2 وغيّرت التوقعات إلى مستقر في السلبية بالإضافة. وأرجعت موديز تخفيض التصنيف الى التراجع الإضافي في القوة المالية متوقعة ألاّ يتغيّر احتياطي تونس من العملة الأجنبية بشكل كبير في السنوات القليلة القادمة. جدير بالذكر أن مخزون تونس من العملة الصعبة يشهد منذ مُستهلّ سنة 2018 انهيارا وُصف ب"التاريخي والخطير" خاصة بعد نزوله عن الخط الأحمر المُقدّر ب 90 يوما. ويحذر محللون من أن هذا المستوى الحرج للاحتياطي يهدد قدرة البلاد على تسديد ديونها واستيراد بعض المواد مثل الطاقة والأدوية والغذاء. وكان الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان قد أكّد في تصريح سابق أن أية دولة ينحدر مخزونها من العملة الصعبة الى حدود 90 يوما أو ينزل عنه تعتبر غير قادرة على تسديد الدين وبالتالي غير قادرة على الاقتراض، مشددا على ان قيمة احتياطي العملة مؤشر من مؤشرات الأوضاع الاقتصادية والمالية لأي بلد. ولفت الى أن خط ال90 يوم توريد مقياس معتمد في كل دول العالم وأن أية دولة تمر بظروف اقتصادية ومالية صعبة تعطي في دفوعاتها الخارجية الاولوية المطلقة لتوريد الدواء والغذاء والمحروقات وأنه لتوريد هذه المواد يجب أن يتوفر لديها ما يعادل 90 يوم توريد. كما أشار إلى أن تونس في حاجة اليوم إلى استنباط إستراتيجية واضحة على غرار برنامج الإصلاح الهيكلي لإصلاح الإقتصاد. ومن جهته، قال الخبير الاقتصادي رضا شكندالي، إن الحكومة قد تضطر لخروج غير مبرمج للاقتراض من السوق العالمية لردم فجوات جديدة في الموازنة فرضتها التطورات في منطقة الحوض المنجمي، مؤكدا أن الخروج سيكون محفوفا بالمخاطر بسبب التصنيفات الأخيرة لتونس على القوائم السوداء للبلدان المتهمة بالتهرب الضريبي وغسل الأموال.