بالكاد يمرّ يوم،خلال الفترات الأخيرة، دون الحديث عن إحدى الأزمات الحارقة التي تشهدها البلاد مؤخرا، لاسيّما فيما يتعلّق بافتقار البلاد لمواد حياتية، على غرار أزمة الحليب التي ما كادت تُحلّ لتعود إلى تصدّر الواجهة من جديد. ويبدو أن مصنعي ومنتجي الألبان لم يرضوا بالزيادة التي أقرتها الحكومة مؤخرا لتعويض ارتفاع تكاليف الانتاج، معتبرين أن هذه الزيادة الأخيرة لم ترتقِ إلى تطلعاتهم في تحقيق التوازن المالي في منظومة الإنتاج وضمان ديمومتها واستقرارها. ويطالب المصنعون والمنتجون بتحرير الأسعار بداية من عام 2019 وإقرار برنامج فعلي لتأهيل حلقة الإنتاج. وفي خضم هذا الشأن، قال عضو المكتب التنفيذي باتحاد الفلاحين المكلف بالإنتاج الحيواني والألبان يحي مسعود، إن الحكومة حوّلت وجهة المفاوضات من المطلب الأساسي بتحرير القطاع نحو الزيادة في الأسعار، مشيراً إلى أن إصلاح المنظومة الذي يطالب به المهنيون لن يستقيم ما دامت الحكومة تبسط يدها على القطاع. ولفت مسعود إلى أن الزيادات التي أقرتها الحكومة مناصفة بين المنتجين والمصنعين لم تصاحبها إجراءات تحدّ من الارتفاع المتواصل للكلفة إنتاجاً وتجميعاً وتصنيعاً، وكذلك لم تحل أزمة أسعار الأعلاف المركبة التي تتأثر يومياً بسعر الدينار المنهار. وفيما يتعلق بقطع مادة الحليب عن الأسواق في خطوة للضغط على الحكومة ودفعها الانصياع لمطالبهم، فند عضو منظمة الفلاحين أي علاقة لهم بتجفيف السوق من منتجات الألبان. واشار، في هذا الصدد، إلى أن "المصانع تواصل ضخ نحو 1.5 مليون ليتر من الحليب يومياً في السوق رغم تضييق الحكومة على التصدير الذي يفترض أن يكون متنفساً مهماً للقطاع". وعبر المتحدث عن استغراب المهنيين من اشتراط الطرف الحكومي الترخيص المسبق للتصدير، وما يرافقه من تعطيل فعلي لهذه العملية وتنامي تهريب الحليب المدعم، مؤكداً أن تنامي ظاهرة التهريب تقف وراء النقص الذي تشهده الأسواق من هذه المادة. وعلى الرغم من تهديدات أطلقتها الحكومة ضد المحتكرين والمضاربين، فإن الأسواق والمحال التجارية تشكو نقصاً كبيراً في الحليب المدعوم مقابل توفر بقية منتجات الألبان. يشار إلى أن كلا من منظمة الفلاحين وغرفة مصنعي الألبان، طالبا، في بيان صدر الخميس الماضي، بتحرير القطاع وتفويض سياسة التصرف في مخزونات الحليب للمصنّعين، على اعتبار أن قانون السوق لم يعد يسمح للدولة بوضع يدها على منظومات الإنتاج.