لم تخفت ضجّة تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة ، أو ما يعرف ب"تقرير بشرى بلحاج حميدة -رئيسة اللجنة-، بعد ، ليلحق بها جدلُ ميثاق جديد ل"الحريات الفردية والمساواة" وقعته 90 جمعية حقوقية يسلّط الضوء على مطلبية إعلاء شأن الحريات الفردية واحترامها أيًّا كانت شاكلتها. ويتضمن الميثاق، الذي أُطلق الثلاثاء، إلغاء تجريم المثلية الجنسية، والمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، وإزالة قوانين "الأخلاق الحميدة"، وإلغاء عقوبة الإعدام. كما يدعو الميثاق إلى تعزيز مكافحة التعذيب وجميع أشكال انتهاك كرامة الإنسان، واحترام الحريات الجنسية والتوجهات الجندرية (القائمة على الجنس)، ومكافحة الاعتقالات التعسفية. و يعتبر الميثاق الحق في الخصوصية وحرية الضمير والفكر وحرية التعبير والحريات الأكاديمية والفنية حقوقا أساسية، تمثل أركان مجتمع ديمقراطي خلاق وتعددي. وفي حديثها عن ميثاق الحريات الفردية والمساواة ، قالت رئيسة "الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات"، يسرى فراوس، إن تونس،"تعيش نقطة تحول مهمة في تاريخها" مستدركة القول إن "الإنجازات الأخيرة في المجال الديمقراطي ستظل هشة للغاية ما لم تُعزّز أسس الحريات الفردية والمساواة بين جميع المواطنين والمواطنات التونسيين". وعلى الرّغم من أن "تقرير بشرى" لاقى معارضة ورفضا واسعين على الساحة ، فإن الميثاق جاء حمّالا لذات المطالب التي تنادي بها لجنة الحريات الفردية والمساواة ، وكأن فيه دفعًا ودعما لتقرير اللجنة. ويتفق توقيع هذا الميثاق مع تقرير "لجنة الحريات الفردية والمساواة" في عديد النقاط. وكانت "لجنة الحريات الفردية والمساواة" قد أوصت بدورها ، في تقريرها، بإلغاء تجريم المثلية الجنسية وضمان المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، وإزالة قوانين "الأخلاق الحميدة"، وإلغاء عقوبة الإعدام، فضلا عن أي شكل من أشكال التمييز بين المواطنين… وقد لاقى تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة صدا كبيرا على الساحة، واعتبره كثيرون تعديا وتطاولا على أسس الإسلام وتعارضا مع الدستور. وقد تم تنظيم حملة لجمع الامضاءات ضد هذا التقرير والاعلان عن تنظيم تحرك وطني كبير لمناهضته يوم 11 اوت القادم. و دعا شهاب الدين تليش الكاتب العام للمجلس النقابي الوطنى للأئمة إلى المرور الى أمور عملية لايقاف هذا التقرير وسدّ المنافذ عليه والى التعريف بمأزق ومخاطر هذا التقرير على المجتمع والاسرة التونسية حسب تقديره. وحثّ كلّ الأئمة على التطرّق الى هذا الموضوع بالمساجد والجوامع واعتبر أن المعركة الحقيقية اليوم هي معركة تأويل الدستور. واعتبر نور الدين الخادمي وزير الشؤون الدينية الأسبق ان هذا التقرير كارثي وأنه يهدم 14 قرنا من التاريخ والاصلاح فى تونس، مضيفا أنه قد وقع فى مأزق لمعارضته للدين وللدستور وهو جزء من حراك بدا منذ اوت 2017 عقب المبادرة الرئاسية الخاصة بالمساواة فى الميراث. واعتبره أيضا خروجا عن النص القراني وصادما لارادة الله، داعيا الأئمة الى كشف المغالطات الفلسفية والاجتماعية والدستورية الواردة فى التقرير والمخالفة المقاصدية الفاضحة في هذا التقرير ذي 233 صفحة، مشيرا إلى أن المساواة التى يريد التقرير فرضها فاقدة لمعنى الاختلاف، وفق تقييمه. كما اعتبر المجلس الإسلامي الأعلى بتونس، في بيان له، إنّ التقرير "مخالف لما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية من أحكام شرعية قطعية الثبوت والدلالة ومعلومة من الدين"، معتبرا أنّه " نسف أحكام الأسرة في الاسلام كأحكام الميراث والنفقة والعدة والنسب وغيرها". ولفت المجلس الإسلامي الى أنّ التقرير "تعمد إلغاء مصطلحات معبرة عن هوية الشعب التونسي الاسلامية وانتمائه للدين الاسلامي مثل المسلمون، الموانع الشرعية، المحرمات، الزوج والزوجة". وأضاف في ذات البيان أن التقرير "يثبت بما لا يدع مجالا للشك ان الهدف منه هو تنقية القانون التونسي من كل ما هو اسلامي واستعاضته بالقانون الوضعي الاوروبي، كما يلغي ثقافة الشعب التونسي لحساب ثقافات أخرى وهويات أخرى، ويحيي الدعوة الاستعمارية الى الاندماج في الحضارة الغربية". وفي ذات الإطار، أفاد عضو المجلس الإسلامي الأعلى بتونس محمد بوزغيبة في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، بأن "المجلس يرفض تمرير المقترحات المضمنة في تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة التي تمت بلورتها في ظل غياب المختصين من أهل الشرع بما جعلها غير سليمة وفيها تحامل على الدين الاسلامي والغاء لاحكامه"، حسب قوله. ودعا محمد بوزغيبة إلى فتح حوار للغرض في إطار لجنة وفاقية متكونة من أهل الاختصاص الشرعي والقانوني والخبراء والنخب، معتبرا أيضا أنّ التقرير "طرح مسائل غير مقبولة وغير معقلنة تمس الشريعة والاسرة على غرار الطلاق والمهر والختان والنسب والزنا، بما يؤدي الى فرض توجه يتعارض مع مجلة الاحوال الشخصية والقانون الجزائي ومجلة العقود وغيرها من التشريعات والنصوص القانونية في تونس"، وفق قوله.