في خضمّ الأزمة الاقتصادية التي تعيش على وقعها البلاد ، تسارع تونس الخطى من أجل تدارك الوضع ، و ذلك من خلال تعزيز علاقاتها مع شتى الدول التي أبدت استعدادها لدعم تونس و مساندتها ، من خلال جذب استثمارات جديدة لدعم برنامج الإصلاح الذي بدأته لتسهيل تدفق الاستثمارات الأجنبية وتوفير مناخ يسمح بانطلاقة اقتصادية جديدة .. و تضافر تونس الجهود من أجل النهوض باقتصادها، و ذلك من خلال استقطاب أكبر عدد ممكن من الاستثمارات سواء على الصعيد المحلي او الاجنبي، ساعية بكل ما أتيح لها من مقومات الى خلق مناج ملائم للاستثمار.. ووفق بيانات حديثة لوزارة الاستثمار والتعاون الدولي، سجل الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد خلال السداسي الأول من العام الجاري نموا بنسبة 17.7% مقارنة بذات الفترة من سنة 2017، وهو ما يعكس تجديد مستثمرين أجانب ثقتهم في تونس سواء عبر ضخ استثمارات جديدة أو إجراء توسعات لمشاريع سابقة خاصة في قطاعي مكونات السيارات والطائرات. وفي هذا الصدد، قال مدير وحدة الإحاطة بالمستثمرين الأجانب بوكالة الاستثمار الخارجي حاتم السوسي، إن النتائج المحققة خلال السداسي الأول من العام الجاري تعكس استقرارا في مناخ الاستثمار متوقعا ارتفاع تدفق الاستثمارات بقية السنة. كما أشار إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة تتقدم على استثمارات المحفظة التي لم تتجاوز 69 مليون دينار أي نحو 26.5 مليون دولار مقابل 1072.8 مليون دينار لبقية الاستثمارات ما يعادل 412.3 مليون دولار، مسلطا الضوء على مناخ الثقة الذي تسعى السلطات إلى خلقه لدى المستثمرين سواء عبر تغيير التشريعات أو تعقب الفاسدين فضلا عن إصدار قرارات تحد من التعطيلات الإدارية التي طالما اشتكى منها باعثو المشاريع بحسب قوله. وأضاف السوسي أن نتائج قانون الاستثمار الجديد بدأت تعطي أكلها، مشيرا إلى أن أغلب الاستثمارات التي تم ضخها خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري تتمثل في توسعات لمشاريع ضخمة سابقة في قطاعات الإلكترونيات والميكانيكا ولاسيما مكونات السيارات إلى جانب توسعات أخرى في قطاع تركيب الطائرات. وتستهدف حكومة الشاهد، التي بدأت العام الماضي تطبيق قانون جديد للاستثمار، إعادة جذب المستثمرين الأجانب بعد سنوات من الركود بسبب الوضع الأمني الهش وتزايد الإضرابات. ويتضمن القانون الجديد عددا من الحوافز للمستثمرين التونسيين والأجانب من بينها خفض الضرائب ومساهمة الدولة في إنجاز البنية التحتية للمشاريع الكبرى. وينص أيضا على إعفاء الأرباح من الضرائب لعشر سنوات وإنشاء صندوق استثمار يساهم في تمويل مشاريع البنية التحتية لتشجيع المستثمرين على إقامة مشاريع في المناطق الداخلية. و تطمح تونس خلال الفترة المقبلة على استعادة مكانتها كأول بلد جنوب المتوسط مصدّر صناعي للاتحاد الأوروبي في أفق 2020. وهيأت لتحقيق هذا الهدف عددا من النصوص القانونية المشجعة على الاستثمار سواء المحلي أو الأجنبي وقدمت امتيازات هامة لفائدة المقبلين على الاستثمار في المناطق الداخلية كما سنت قانون استثمار جديد. و أكد رئيس الحكومة يوسف الشاهد أنّ استعادة مكانة تونس كأول مصدّر صناعي من جنوب المتوسط باتجاه الاتحاد الاوروبي في افق 2020 من أهمّ أهداف الحكومة في الفترة القادمة. واعتبر تونس قادرة على بلوغ هذا الهدف في ظلّ عودة نمو الاقتصاد الوطني والإجراءات التي اتخذتها الحكومة بالتوازي مع إلتزامها بالتسريع في نسق الإصلاحات والإجراءات التي تراها ضرورية لتحقيق ذلك الهدف. ووفق خطة العمل التي وضعتها الحكومة من المنتظر ان ترتفع الصّادرات بمعدل 15 بالمائة سنويا لتتجاوز 47 مليار دينار سنة 2020، كما من المتوقّع ان تكون 20 بالمائة من الصادرات الصناعية مستقبلا ذات محتوى تكنولوجي عال.