لا يختلف اثنان حول ما باتت تشهده العلاقة بين المرضى والأطباء في تونس خلال السنوات الأخيرة من توتر وعدوانية، بعدما خرجت قضية الأخطاء الطبية من العتمة وتنبّه التونسيون إلى فداحتها. إلى ذلك، موجة اتهامات وُجّهت إلى الأطباء ووصلت حدّ الاعتداء عليهم، بل ووصل الأمر إلى توقيف أطباء وسجنهم لأشهر في انتظار التحقيقات، وهو ما أدّى إلى إضرابات واحتجاجات في القطاع الطبي. كلّ ذلك دفع إلى مزيد من الغموض والتوتر في العلاقة بين الطرفين، الأمر الذي استوجب محاولة للبحث عن إطار يحدّ من التشنج ويضفي شفافية على أوضاع تتكرر مرات ومرات يومياً في المستشفيات . ولعلّ حادثة وفاة رضيع بمستشفى قليبية الأحد واعتداء عائلته على الطاقم الطبي وايقاف طبيب وممرضة عقب الحادثة ، أحيت من جديد الحاجة الملحّة لقانون حقوق المرضى والمسؤولية الطبية. وكان كاتب عام النقابة العامة للأطباء الصيادلة و أطباء الأسنان للصحة العمومية محمد الهادي السويسي ، قد أكد ، في تصريح لموزاييك ، أن تقرير الطبيب الشرعي أثبت عدم وجود أي تقصير طبي في حالة وفاة طفل في مستشفى قليبية . و عبر السويسي عن إدانته للاعتداء الذي طال الطاقم الطبي و شبه الطبي في المستشفى من قبل عائلة الطفل المتوفي و إيقاف الطبيب الذي عالجه مع ممرضة و استجوابهما من طرف الجهات الأمنية. وبناء على ذلك، ندّدت النقابة الأساسية لأطباء الصحة العمومية وأطباء الأسنان والصيادلة بنابل والنقابة الساسية للصحة العمومية بقليبية، بما اعتبراه "توظيف حادثة وفاة رضيع بمستشفى قليبية للاعتداء على الإطار الطبي وشبه الطبي والعملة، وبتغاضي السلطة المحلية والجهوية والاحتفاظ بالطبيب والممرضة بتعلات الحماية واستكمال البحث". وتقرر تبعا لذلك الدخول في إضراب حضوري احتجاجي لجميع الأطباء والاطار شبه طبي والعملة كامل يوم 6 أوت بداية من الساعة 7 صباحا بالمستشفى المحلي بقليبية. وطالبت النقابتان بتفعيل قانون منظوري الصحة العمومية وجبر الضرر المتفق عليه بين الجامعة العامة للصحة ونقابة الأطباء من جهة ووزارة الصحة من جهة أخرى. وكان وزير الصحة عماد الحمامي قد أكد في شهر جويلية الماضي، عقب حادثة اعتداء مثيلة على الاطارات الطبية وشبه الطبية العاملة بقسم الاستعجالي بالمستشفى الجهوي بالقصرين، قائلا إن "الوزارة مسؤولة على حماية كل اعوانها ولن تتواني في تطبيق القانون بكل صرامة على كل من يتجاوز القانون". وأفاد الحمامي انه تمت احالة مشروع القانون الأساسي المتعلق بحقوق المرضى والمسؤولية الطبية على رئاسة الحكومة، على ان يتم النظر فيه في الاسابيع القادمة والمصادقة عليه قبل احالته على مجلس نواب الشعب. يشار الى ان عددا من أفراد عائلة شاب تعرض لطعنة بسكين، أقدموا على تكسير عدد من تجهيزات ومعدات قسم الاستعجالي بالمستشفى الجهوي بالقصرين والاعتداء المادي واللفظي على الإطارات الطبية وشبه الطبية العاملة به احتجاجا على تأخر عملية إسعاف ابنهم المصاب، مما تسبب في وفاته، وفق قول عدد من أهالي الضحية في تصريح إعلامي.