بينما يمرّ الدينار التونسي بأوقات جدّ حرجة ، خاصة في ظلّ ما يعيشه من انخفاض مستمرّ في قيمته ، تشهد السوق السوداء ازدهارا ، وفق ما يؤكده خبراء ماليون ، مستغلّين دائما الأزمات و النكسات التي تمرّ بها البلاد . و في خضمّ ما تمرّ به تونس في الفترات الأخيرة من عدم استقرار في السوق المالية أمام انخفاض قيمة الدينار التونسي ، هناك مخاوف من أن تتضاعف عمليات تهريب الأموال أكثر فأكثر بالاعتماد على أساليب مستحدثة على غرار صفقات الاستيرات و المعاملات البنكية و غيرها، وفق ما يحذر منه محللون . و تتمّ أغلب العمليات الاقتصادية من تصدير وتوريد وصرافة على الحدود الجنوبية والغربية في غفلة من الدولة، وهو ما أدى إلى توسع النشاط الموازي إلى أكثر من 55% من الاقتصاد ، و هو ما نبه اليه عديد الخبراء في أكثر من مناسبة ، لافتين الى ان قوانين الصرف الحالية تساهم في تفشي ظاهرة تهريب العملة. و في هذا الإطار، تتأهب تونس لفتح مكاتب خاصة بتبادل العملة الأجنبية، تعمل إلى جانب البنوك العمومية والخاصة، في خطوة لتيسير جمع النقد الأجنبي من المواطنين لإنعاش مخزون البلاد من العملة الصعبة ، حيث يغطي احتياطي النقد الأجنبي في الوقت الحالي 70 يوماً فقط من الواردات، وهي الحصيلة الأسوأ منذ عقود. ومن المتوقع أن يكون لهذه المكاتب مردود إيجابي على الجهاز البنكي ، على أمل أن تساهم في إنعاش مخزون تونس من العملة الصعبة. وفي خضم هذا الشأن، قال رئيس الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية التونسية أحمد كرم، أن كلاً من وزارة المالية والبنك المركزي سيشرفان على هذه العملية، وستكون هذه المكاتب على ارتباط مباشر بالبنوك، وهي التي ستستقبل مباشرة فوائض تلك المكاتب من العملة الأجنبية. وسيشغل هذا النظام الجديد في القطاع البنكي والمصرفي لأول مرة في تونس خريجي الجامعات العليا في اختصاصات المالية في مكاتب الصرف، التي تُعنى بصرف العملات الأجنبية علاوة على العملة المحلية. وفي هذا الشأن، قال سعد بومخلة الخبير الاقتصادي والمالي، إن تونس تأمل أن تستعيد السيطرة على سوق الصرف من خلال مكاتب الصرف الجديدة، بحيث تعود نسبة مهمة من التعاملات في النقد الأجنبي إلى السوق الرسمية، من ثم تستفيد منها الخزانة العامة للدولة.