بَرزَت بوادر تغيّر المشهد البرلماني والسّياسي مع إعتزام حركتيّ نداء تونس والمشروع تكوين جبهة برلمانية مشتركة، قد تتوسع مستقبلا بتشريك أحزاب أخرى أو كتل قريبة منها, والاعلان عن تشكيل كتلة برلمانيّة أخرى,من بينهم نوّاب من نداء تونس ونوّاب مستقيلون من مشروع تونس, لدعم يوسف الشاهد. تقلّبات سياسيّة قد يؤثر على جدول أعمال مجلس نواب الشعب والهيئة العليا المستقلة للانتخابات. يبدو أنّ الأزمة بين نوّاب نداء تونس ستشتد خلال السّنة البرلمانيّة الجديدة, إذ بعد الاستقالات الأخيرة و الكتل المتكوّنة حديثا, سيجد بعض النوّاب أنفسهم بين هذا وذاك منقسمين ومشتّتين. في المقابل, الكتلة الأكبر في البرلمان وهي كتلة حركة النّهضة ستكون الضامن الأساسي ومقياس التّوازن داخل المجلس. اذ لايمكن لنداء تونس بتشقّقاته الحالّية قيادة المشهد السياسي في البلاد خاصّة بعد نتائج الانتخابات البلديّة التي أفرزت صدارة حركة النّهضة والمستقلّين على حساب النّداء. السيناريو الأرجح أن يحتدم الصراع من أجل السلطة وتتّخذ التوتّرات السياسية والاجتماعية نسقا تصاعديا كلّما اقتربنا من موعد إجراء الانتخابات الرئاسية 2019. ومن البديهي الجزم بأنّ تونس غير قادرة على تحمّل المزيد من الهزَّات والتقلّبات خلال هذه الفترة المفتوحة على كلّ الاحتمالات في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. إضَافة إلى أن التونسيين لم يعد يهمّهم شيء من أمر السياسة والسياسيين بعد أن خبروا ممارساتهم ووقفوا عند غاياتهم ومراميهم فإنّهم يتابعون الانحدار المخيف للطبقة السياسية بمختلف مكوّناتها بألم وامتعاض شديدين وبنظرة لا يغيب عنها الوعي بخلفيّات الأمور ومسبّباتها. ما تجهلُه الطّبقة السّياسيّة في تونس, هو اهتمامات الشعب وحاجياته, فبدل التّسابق نحو 2019, يجدر تكثيف الجهود للنّهوض بالوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد وإلا فلن تقدر أيّ حكومة مهما كان حجم دعمها السياسي, على اصلاح الوضع العام للبلاد. لكن يبدو أن نداء تونس لم يستوعب الدّرس بعد, خاصّة بعد تدعيم تجاذباته بتكون جبهة سياسية وكتلة برلمانية بقيادة حافظ السبسي ومحسن مرزوق. فكيف ستسير هذه الجبهة المتزعزعة منذ ولادتها؟ هل سيتّفق السبسي الابن ومرزوق حول الآليات والسياسات؟ ومن سيقود السّفينة؟ الحَلّ الوحيد للنّجاح والنّهوض بالبلاد, يكمن في تكاثف الجهود بين الأحزاب و الفعاليّات السياسيّة عامّة, والحزبين الحاكمين, نداء تونس وحركة النّهضة خاصة. فالتوافق السياسي يعتبر مفتاح قفل الأزمات المتتالية والتّحديّات الاقتصاديّة القادمة, خاصة مع مايشهده الاقتصاد العالمي من تغيّرات.