حوالي سنة واحدة تفصلنا عن سباق انتخابات 2019 التشريعية والرئاسية، و يبدو أن التحضير لهذه المعركة انطلق منذ الآن؛ بين بروز تحالفات جديدة وخفوت أخرى من جهة، و تصدر الخطابات ذات الطابع الانتخابي الواجهة من جهة أخرى. وقد عاشت الساحة السياسية خلال الأيام القليلة الماضية على وقع سلسلة من الأحداث الساخنة التي تصبّ في إناء معركة 2019 الانتخابية ، لعلّ أبرزها حديث الأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق عن تجميع ما أسماها ب"القوى التقدمية" بعد محادثات أجراها مع الرئيس الباجي قائد السبسي، الذي تزامن مع الإعلان عن التوصل لاتفاق لتشكيل كتلة برلمانية كبرى تضم "نداء تونس" و"مشروع تونس" فضلا عن الإعلان عن تشكيل كتلة برلمانية جديدة تضم مختلف المشارب السياسية تحت اسم "الاتلاف الوطني" داعمة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، فضلا عن عودة سليم الرياحي إلى رئاسة الاتحاد الوطني الحر من جديد بعد أن كان قد اعتزل الحياة السياسية. وحول ما يحدث في الساحة السياسية من تجاذبات وما من شأنه أن ينجرّ عنها من تداعيات، نشر المؤرّخ والباحث السياسي د. عبد اللطيف الحنّاشي تدوينة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك ، كتب فيها : "يبدو أننا سنرجع إلى المربع الأول: التجاذبات الأيديولوجية كأداة أو وسيلة لخوض الانتخابات التشريعية والرئاسية...والمعركة بدأت مبكرًا وإن بصمت وهدوء نسبي" . وكانت أطراف سياسية حذرت في وقت سابق من محاولة تأخير الانتخابات المزمع إجراؤها العام المُقبل، لاسيّما وقد طفت إلى السّطح جملة من التجاذبات الايديولوجية، التي تعيدنا إلى مربّع سيناريو التلاسنات والمشاحنات التي سبقت انتخابات 2014 . ولئن يتأهب الفرقاء السياسيون لخوض سباق الانتخابات القادمة على قدم وساق، فإن هناك توقّعات بأنه من الممكن تأجيلها. ومع استمرارية الضبابية التي تطوّق تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ، لاسيما وأنها بلا رئيس منذ استقالة محمد المنصري التليلي، فإن سيناريو تأجيل الانتخابات مرجّح جدّا. يُذكر أن المنصري كان قد استقال بداية شهر جويلية بعد أسابيع من لائحة لإعفائه قدمها أعضاء الهيئة، وقد ردّ عليها المنصري قبيل استقالته برسالة مضادة وجهها لأعضاء البرلمان. وقد تضمنت الرسالتان تبادلًا للتهم بخصوص خرق أحكام قانون الانتخابات مع إثارة الطرفين لشبهات فساد مالي وإداري. وفي خضم هذا الشأن، يتوقّع الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي أن يتمّ تأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية المزمع تنظيمها سنة 2019 مضيفًا أن "كلّ السيناريوهات واردة ومرتبطة بالخطوات العملية التي سنذهب في اتجاهها خلال الأيام القليلة القادمة". وأوضح الطبوبي، في حوار أدلى به لصحيفة الشارع المغاربي الصادرة الثلاثاء 28 أوت 2018، أن اتحاد الشغل يرى أن العبرة ليست في كيفية الذهاب إلى الانتخابات بل يجب أن تكون انتخابات ديمقراطية وفعلية وأن تعطي فاعليتها من خلال نسبة المشاركة. وقال "لقد لاحظنا أن في الانتخابات البلدية قد خسرنا 18 في المائة تقريبًا من الجسم الانتخابي وهو ما اعتبره ضربًا للمسار الديمقراطي".