بَعد بُلوغ الأزمَة السّياسيَّة في تونس مُنعطفا خطيرا تجلّى في بلوغ تعفّن المشهد العام أقصى درجاته وارتفاع منسوب المناكفات والمشاحنات بين أطراف همّها الوحيد اكتساب مواقع متقدّمة قبل انتخابات 2019. وبعد التخوّفات من بداية سنة برلمانيّة ساخنة قد تزيد الوضع العام الإقتصادي والإجتماعي سوء, عاد الهدوء للساحة السّياسيّة بعد تعبير حركتي نداء تونس وحركة النّهضة التّمسّك بسياسة التّوافق لأجل مصلحة البلاد. وقد عقد ئيس الجمهوريّة, الباجي قائد السبسي, لقاءات متتالية مع الفاعلين السياسيّين, في قصر قرطاج خلال الأيام القليلة الماضية, في محاولة منه لضبط المشهد السّياسي وتجميع الفرقاء وسماع موقفهم وحلولهم المقترحة للوضع السّياسي والإجتماعي الإقتصادي الصّعب. في هذا السّياق, أصدر نداء تونس بيانه, يوم الثلاثاء 28 أوت, دعا فيه رئيس الجمهورية لإستئناف مشاورات قرطاج 2 ، التي سبق ان أعلنت الرئاسة على لسان الناطقة الرسمية بإسمها سعيد قراش عن تعليقها وذلك موفى شهر ماي المنقضي. وتضمن البيان علاوة على ذلك تأكيد نداء تونس على تمسكه "بالتوافق" مع حركة النهضة والإنفتاح على القوى السّياسيّة الأخرى, لتدارك الوضع الصّعب الذي تمرّ به البلاد, سياسيّا وإقتصاديّا. وقد تناغم بيان حركة نداء تونس مع بيان مجلس شورى حركة النّهضة, الذي دعا رئيس الحكومة للاستقالة من منصبه في صورة اعتزامه الترشح للانتخابات القادمة لضمان عدم تعطيل الإصلاحات وضمان حياديّة منصب رئيس الحكومة عن التّجتذبات الإنتخابيّة القادمة. موقف النهضة من التزام الشاهد بعدم الترشح ليس بجديد فتصورها للاستقرار الحكومي يمرّ عبر النأي بها عن التجاذبات الانتخابية, خاصّة مع توتّر الساحة السياسيّة انطلاق الجميع في السّباق نحو القصر, متناسين الواقع الصعب الذي تمرّ به البلاد, وإنهيار إحتياطي العملة الًّعبة مع تواصل نزول قيمة الدينار وحالة الإحتقان المجتمعي. ومن المتوقع أن يوجّه رئيس الجمهوريّة, الباجي قائد السبسي, دعوة لمختلف الاطراف الفاعلية من احزاب ومنظمات للتشاور والنقاش مستندا في ذلك الى ان البلاد على "أبواب سنة سياسية" قد تحمل الجديد على مستوى المواقف. هذا وقد أكّد نداء تونس في بيانه, تمسّكه بكافّة نقاط وثيقة قرطاج 2، بما فيها النقطة 64 المطالبة بتغيير حكومي شامل، إضافة إلى تمسّكها بالتوافق والوحدة الوطنية خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد. كما عبّر الإئتلاف الحاكم عن إنشغاله بتنامي الصّعوبات الإقتصادية والإجتماعية المتزامنة مع العودة السياسيّة والمدرسيّة, وإنعكاساتها المرتقبة على السلّم الإجتماعي, في ظلّ تواصل إستفحال الأزمة السياسيّة التي وضعت أجهزة الدولة ومؤسساتها في حالة إنتظار.