مع إنطلاق السنة السياسية الأخيرة قبل إنتخابات 2019 التشريعية والرئاسيّة بدأت تظهر على سطح الأحداث في تونس مؤشرات سنة حافلة بالأحداث خاصة في ظلّ المتغيرات الأخيرة على الساحة السياسية من تعليق الحوار في قصر قرطاج بشأن “وثيقة قرطاج 2” وصولا إلى الأزمة الإقتصادية مرورا بأزمة سياسية ظاهرة للعيان بسبب دعوات نداء تونس والإتحاد العام التونسي للشغل لرئيس الحكومة يوسف الشاهد بالإستقالة. لا حديث فيتونس خلال العطلة الصيفية في الشأن العام سوى عن الأزمة السياسية بين رئيس الحكومة من جهة حزبه نداء تونس مسنودا بموقف مضاد لرئيس الحكومة صادرعلى الإتحاد العام التونسي للشغل، مؤشرات يتحدّث محللون عن كونها بوادر سنة سياسية ساخنة خاصة بعد ما أفرزته نتائج الإنتخابات البلديّة التي إنتظمت في شهر ماي الفارط من نتائج. رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي قطع سابقا مع دعوات الإقصاء بالإنخرط في الحوار الوطني الذي أفرز التوافق، قطع أيضا بعد نتائج إنتخابات 2014 التشريعية والرئاسية مع خطابات وشعارات الإستقطاب الثنائي التي تكرّس التنافي وتمسّك بخطّ التوافق كأداة لإدارة الإختلاف منحازا بذلك إلىالرؤية الوطنية العاملة على الإصلاح وبناء تجربة ديمقراطيّة ناشئة رغم كل الإغراءات الإقليمية والدولية للإنقلاب على التجربة. الباجي قائد السبسي الذييحظى ضمن مسار التوافق بدعم وإسناد كبير من حركة النهضة وعلى وجه الخصوص من رئيسهاراشد الغنوشي وجد نفسه أمام محطات وإختبارات صعبة ومفصلية في الأشهر الأخيرة خاصة وأنه قد بات مطالبا بإعادةترميم صورته التيإنعكست عليهاسلبا أمام الرأي العام الأزمة الداخلية لحزبه حركة نداء تونس، محطّات بات فيها رئيس الجمهورية أمام فرضيّة الإنحياز للمصلحة الوطنية فوقالأحزاب والإعتبارات السياسيةوالحسابات الإنتخابية. مجدّدا وبعد أن ألقت الأزمة السياسية بين نداءتونس وإتحاد الشغل منجهة ورئيس الحكومة من جهة أخرى بظلالها على المشهد الذي يحتاج إلى حدّ أدنى من الإستقرار يجد رئيس الجمهورية نفسه أمام إختبار مهمّ وهو ضرورة التمسّك أكثر بتغليب المصلحة العامة للبلاد على كل الحسابات لا فقط لإنجاح الإستحقاقاتالسياسية القادمة بل ولتمكين البلاد من فسحة يمكن أن تتجاوز من خلالها الوضعيةالإقتصادية الصعبة التي يمكن أن تتسبّب في رفع منسوب التوتر الإجتماعي. رئيس الجمهوريةالباجي قائد السبسي تلقّى دعوة متجدّدة في الأيام الأخيرة لإعادة الحوار بين مختلف الفاعلين السياسيينوالإجتماعيين ضمن نقاشات “وثيقة قرطاج 2” وآخر الدعوات تلك التي تلقاهااليوم الإثنين 3 سبتمبر 2018 من زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي في لقاء بينها بقصر قرطاج قال الغنوشي أنه "تناول الأوضاع العامة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأزمة السياسية المتمثلة في توقف اتفاقية قرطاج وبتعليق العمل بوثيقة قرطاج"، مشيرا إلى أن "البلاد دخلت منذ ذلك الوقت في ازمة سياسية" . وأضاف الغنوشي وفق مقطع فيدو نشر على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية "اكدت مع رئيس الجمهورية على اهمية التوافق الذي انقذ البلاد وجعل منها استثناء في الربيع العربي وأكدنا ان البلاد مازالت تحتاج الى التوافق وهذه قناعة مشتركة والأحداث تزيدها تأكيدا… عملت على أن اخذ من السيد الرئيس فرصة أخرى لتجديد العمل بالتوافق وتفعيل هذه المنهجية في حل هذه المشكلات …تونس امامها افاق كبيرة للنمو والنجاح ويجب ان نضع البلاد على سكة انتخابات 2019 وهذا يحتاج الى تجديد العمل بالتوافق وتفعيله بين كل الاطراف السياسية والاجتماعية". وذكر بان الاطراف السياسية والاجتماعية الموقعة على وثيقة قرطاج اتفقت على 63 نقطه واختلفت في النقطة 64 ". وتابع رئيس حركة النهضة " هناك فرصة اليوم لتفعيل كل هذه النقاط والزام الحكومة بها والانطلاق مجددا لهذه الاتفاقية تحت اشراف رئيس الجمهورية… نأمل ان تفتح هذه الفرصة افقا جديدة للوحدة الوطنية ولدعم الانتقال الديمقراطي التونسي". فرصة أخرى لتونس وللفاعلين السياسيين والإجتماعيين للإعتماد على الحوار والتوافق أداة لتجاوز الأزمة السياسية الأخيرة وعلى وجه الخصوص للتشبث جماعيا بإصلاحات معطلة ومنتظرة منذ فترة تمكّن البلاد من تجاوز أزمتها الإقتصاديّة قبل فترة الإحتجاجات الإجتماعية الشتوية التي باتت منتظرةهي الأخرى كل عام.