تحتاج تونس في وضعها الرّاهن إلى جرعة اضافيّة من التّوافق والتّحالف الموسّع, وتفادي الإنقسامات خاصّة في أحزاب الإئتلاف الحاكم. ولأنّ الوضع الإجتماعي والاقتصادي متّصل بالوضع السياسي للبلاد, تعالت أصوات كثيرة خلال الأسابيع القليلة الماضية, محذّرة من تفاقم الوضع الإقتصادي وإنفجار اجتماعي قد يحصل في ظلّ الزيادة في الضّرائب. رئيس الجمهوريّة الباجي قائد السّبسي, تلقّى عديد الدّعوات العلنيّة والسريّة, للتدخّل وحسم النّزاع بين نجله مدير المكتب التنفيذي للنداء, و يوسف الشّاهد رئيس الحكومة. ولأنّ التّدخّل في شؤون الحزب سيضعه في حرج سياسي واجتماعي, لأنّه من المفتروض أن ينأى بنفسه ومنصبه كرئيس لكلّ التونسيّين عن التجاذبات الضيّقة الدّاخليّة في حزبه, رفض الباجي التّدخل المباشر لحلحلة الأزمة. لكنّ تصاعد وتيرة الأزمة داخل نداء تونس وعاصفة الإستقالات الأخيرة, وإستمرار يوسف الشّاهد في تجاهل هجمات السّبسي الإبن, أخرجت الباجي عن صمته, ومن المنتظر أن يجري رئيس الجمهورية حوارا تلفزيا نهاية الأسبوع الحالي او بداية الأسبوع القادم يتطرق خلاله الى سبل معالجة الأزمة السياسية وذلك بعد لقاءاته الأخيرة عدد من الفاعلين السياسيين والاقتصاديين. وفي هذا السياق فقد أوردت تقارير صحفية خبرا مفاده أنّ رئيس الجمهورية أصبح يفكّر جديّا في التّحرك من أجل وضع حدّ للأزمة السياسيّة وذلك بتفعيل الفصل 99 من الدّستور الذي يمنحه صلاحيّة تقديم عريضة سحب ثقة من الحكومة للبرلمان. وبالرّغم من أنّ الّتحالفات في البرلمان لم تعد كما كانت قبل اندلاع الأزمة الأخيرة إلّا أنّ رئيس الجمهورية يرى أنّ هذه الخطوة حتى وان لم تزح يوسف الشاهد من رئاسة الحكومة إلّا أنها ستقود الساحة السياسية والبلاد الى نوع من الوضوح. وفي هذا الاطار فإنّ عرض الحكومة على تجديد الثّقة في البرلمان سيدفع السّاحة السياسيّة فعلا الى وضوح أكبر حيث أنّ الأطراف الدّاعمة لرئيس الحكومة أو المعارضة له ستمنحه ثقتها لينهي ما تبقّى من الفترة النّيابيّة الحالية وهو ما سينهي المطالبة بازاحته والعكس أيضا سيزيد الساحة وضوحا حيث سينهي الجدل الحاصل حول مصير الحكومة ويأتي بحكومة اخرى. وفي هذا السّياق فقد دعا رئيس حزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي أمس رئيس الجمهورية الى أن يمارس دوره السّياسي بتفعيل الفصل 99 من الدستور بعد ان رفض رئيس الحكومة تفعيل الفصل 98 بعرض حكومته على جلسة لتجديد الثقة. الفصل 99 من الدستور لرئيس الجمهوريّة أن يطلب من مجلس نوّاب الشّعب التّصويت على الثّقة في مواصلة الحكومة لنشاطها, مرتين على الأكثر خلال كامل المدّة الرئاسيّة, ويتمّ التّصويت بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشّعب, فإن لم يجدد المجلس الثقة في الحكومة اعتبرت مستقيلة, وعندئذ يكلف رئيس الجمهورية الشّخصية الأقدر لتكوين حكومة في أجل أقصاه ثلاثون يوما طبقا للفقرات الأولى والخامسة والسادسة من الفصل 89. عند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة, أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب, لرئيس الجمهورية الحق في حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما. وفي حالة تجديد المجلس الثقة في الحكومة, في المرّتين, يعتبر رئيس الجمهورية مستقيلا. الفصل 98 من الدستور تُعَدّ استقالة رئيس الحكومة استقالة للحكومة بكاملها. وتقدم الاستقالة كتابة إلى رئيس الجمهورية الذي يُعلم بها رئيس مجلس نواب الشعب. يمكن لرئيس الحكومة أن يطرح على مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها، ويتم التصويت بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب، فإن لم يجدد المجلس الثقة في الحكومة اعتبرت مستقيلة. وفي الحالتين يكلّف رئيس الجمهورية الشخصية الأقدر لتكوين حكومة طبق مقتضيات الفصل 89.