يعقد رئيس الجمهوريّة الباجي قائد السّبسي, منذ 48 ساعة, سلسلة من اللقاءات مع أبرز الفاعلين في البرلمان, آخرها مع رئيس البرلمان, محمد النّاصر, بعد أن سبق له والتقى بكل من رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ورئيس الاتحاد الوطني الحر سليم الرياحي وأمين عام اتّحاد الشّغل نور الدّين الطّبوبي. يبدو أنّ الباجي أراد بلقاءاته إستشارة كلّ الأطراف في مبادرته الجديدة, التي سيعلن عنها في حواره بداية الأسبوع المقبل, ان لم يتراجع عنها. وأشار بعض السّياسيّين إلى أنّ المبادرة تتعلّق بلجوء الباجي للفصل 99 من الدستور الذي يمكنه من إحالة حكومة الشاهد على البرلمان لتجديد الثقة فيها او إسقاطها, ممّا يحيلنا إلى نيّة الباجي والرئيس ورهانه على إسقاط الحكومة. خيار الرئيس بالذّهاب للبرلمان يمكن اعتباره ردّا على استمرار الأزمة السياسيّة في البلاد لكنّه بالأساس ردّ على تفاقم الأزمة وانجراف حزبه نداء في تونس في دوامة الاستقالات التي تنبئ هذه المرة “بنهايته”, لهذا اختار ان يتدخّل على أمل إنقاذ حزبه الذي لن يتم دون المرور بحل أزمة الحكومة. الرّئيس وهو يبحث عن حل الأزمتين يسعى لتوجيه رسائل للدّاخل والخارج بأنّه لايزال اللاعب رقم واحد, بيده كل خيوط اللعبة, ولديه القدرة على تغيير المعادلات, لكنّ هذه الرّسالة قد تكون جاءت في وقت متأخر جدا. في السّياق ذاته, صرّحت ل”الشاهد”, ليلى الشتّاوي, الناّئبة عن كتلة الإئتلاف الوطني, أنّ مبادرة الرّئيس جاءت متأخّرة, وأكّدت أنّ كتلة الإئتلاف الوطني, في حال قرّر الباجي العمل بالفصل 99, ستدعم يوسف الشّاهد داخل البرلمان وخارجه وستعمل على ضمان تمرير الحكومة ومنحها الثّقة. حركة النّهضة بدورها, لم تقدّم موقفا الى حدّ اللحظة من مبادرة الباجي, واكتفت بالتّعبير عن تمسّكها بالحفاظ على الإستقرار الحكومي والسّياسي. وقد أعلن رئيس حركة النّهضة راشد الغنوشي بعد لقائه الباجي, أنّ أيّ قرار سيتتّخه الحركة سيكون وفق مسار المصلحة الوطنيّة وأرجأ الأمر إلى مؤسّسات الحركة في انتظار إجتماعات داخليّة لتدارس المبادرة واصدار موقف. لقاء آخر جمع رئيس الجمهوريّة برئيس الاتحاد الوطني الحر, سليم الرياحي, ساعات اثر لقائه براشد الغنوشي, ويبدو أنّه طرح عليه مسألة سحب نوّابه من كتلة “الائتلاف الوطني” الدّاعمة للشاهد, بهدف اضعاف حزام الشاهد في البرلمان, وفي انتظار ما سيقوم به اعضاء الاتحاد الوطني في البرلمان يمكن التّخمين بأنّه لن يختلف عن المرّة السّابقة حينما طلب الرّئيس ورفض الرياحي. في الأثناء, استقالة عاشرة من كتلة نداء تونس تمت بعد أن أودع النّائب اسماعيل بن حمودة استقالته من الكتلة في مكتب ضبط البرلمان, كما تحدّث لزهر العكرمي أيضا عبر صفحته الرّسميّة فايسبوك, عن امكانيّة استقالة رئيس كتلة نداء تونس, سفيان طوبال, خاصة وأنّ عددا من قادة النّداء يتداولون عريضة تطالب بالغاء قرار تجميد الشاهد وتشكيل هيئة تسييرية تشرف على الحزب الى حين اجراء المؤتمر, مما يعني أنّ نزيف الإستقالات متواصل, الى حين اتضاح الرؤية واعلان الباجي مبادرته.