تناولت صحيفة “لوموند” الفرنسيّة في تقرير مطوّل مضامين الحوار التلفزي الأخير لرئيس الجمهورية التونسي الباجي قائد السبسي بعد أشهر من أزمة سياسية خانقة أغرقت المشهد في البلاد، حوار أعلن فيه السبسي قطيعة مع حركة النهضة بعد أكثر من ثلاث سنوات من التوافقات والشراكة في الحكم. تقرير الصحيفة الفرنسيّة الذي إطلع عليه موقع “الشاهد” وترجمه للعربية إعتبر أن فرادة التجربة التونسية في العالم العربي والإسلامي تعود بالأساس إلى المصالحة التي حدثت في البلاد والتوافقات التي تم بناؤها بين الإسلاميين والعلمانيين وعلى وجه الخصوص بين حزبي نداء تونس وحركة النهضة بعد صائفة ساخنة سنة 2013 مؤكّدة أن التقارب والتفاهم الواضح بين “الشيخين” الغنوشي وقائد السبسي ساهم إلى حدّ بعيد في خلق نوع من التجانس وتخفيض حدّة التوتر في المشهد العام. “لوموند” قالت أنّ القطيعة التي أعلنها الباجي قائد السبسي لا تعني قطيعة أو عودة للصدامات بين الإسلاميين والعلمانيين فحزب الرئيس نداء تونس يغرق في أزمة داخليّة وسينفجر قريبا بينما يدعم أنصاره أو أغلبيتهم رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد القادم من النداء والذي تدعم حركة النهضة بقاءه في السلطة ويتشكّل حوله حزام واسع وجمهور كبير من أنصار النداء، ما يعني حسب الصحيفة أن القطيعة التي أعلنها السبسي لن تكون مؤثرة. “المعركة الحقيقيّة داخل العائلة السياسية لرئيس الجمهورية” حسب الصحيفة الفرنسية التي إعتبرت أنها ليست صراعا بين الإسلاميين والعلمانيين بل حربا باردة بين الباجي قائد السبسي ويوسف الشاهد، هناك حدثت القطيعة فعليا فالرئيس التونسي لو يرق له تعنّت رئيس الحكومة الذي كان هو نفسه وراء صعوده ومنحه الثقة للوصول إلى القصبة، في هذه المعركة يستطيع الشاهد الآن الإعتماد على أكثر من أربعين نائبا مغادرا للنداء بسبب حافظ قائد السبسي. وحسب صحيفة “لوموند” فإنّ حركة النهضة صاحبة الكتلة البرلمانية الأولى في البلاد هي التي ستكون محدّدا لبقاء الشاهد من عدمه في ظلّ تمسّكها بالإستقرار الحكومي ورفضها مغادرة رئيس الحكومة الحالي منذ إنتخابات الربيع الفارط البلدية التي فازت فيها بالمرتبة الأولى. بعد إمتحان السلطة الصعب سنتي 2012 و2013 تصالحت حركة النهضة مع خصومها السابقين وتوافقت مع نداء تونس الذي ينحدر أغلب قياداته وأنصاره من النظام السابق غير أن الأزمة صلب هذا الأخير التي تسبّبت فيها هيمنة إبن الرئيس حافظ قائد السبسي على قيادة الحزب جعلت النهضة تفكّر بجديّة وفق بعض المؤشرات في تغيير التموقع والتخلّي عن الباجي قائد السبسي لصالح يوسف الشاهد المسنود من المغادرين للنداء. تقول صحيفة “لوموند” الفرنسية أنه تبعا لمحاولة الباجي قائد السبسي فرض إبنه في قيادة نداء تونس منذ سنة 2016 بدأت أزمة الحزب في ظلّ عودة الحديث عن “التوريث” الذي يرفضه التونسيون ويعتقدون أنه قد ولّى مع عهود سابقة وتضيف الصحيفة أن الأزمة بين الشاهد وحافظ السبسي قد بلغت أوجها في ربيع سنة 2017 مع تزايد الضغوطات التي يمارسها نجل الرئيس على رئيس الحكومة. في معركة لي الذراع حاول الشاهد إستمالة الرأي العام إلىجانبه عبر إطلاق الحرب على الفساد وقيادمه بجملةمن الإيقافات كان أبرزها إيقاف شفيق الجراية المقرّب من نداء تونس والمتّهم بشراء نواب موالين لحافظ قائد السبسي في كتلة الحزب. في الصراع المتسمر لا يقف الإيتحاد العام التونسي للشغل على نفس المسافة بين طرفي الصراع في النداء مثلما تفعل حركة النهضة بحثا عن إعادة التوازن بل قادته التخوفات من الإصلاحات الكبرى وخاصّة التحكّم في عجز الموازنة التي يقول رئيس الحكومة أنه يجب القيام بها بطلب من المانحين وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي إلى الوقوف ضد هذا التوجه. نداء تونس من جانبه يدعم الإتحاد العام التونسي للشغل في موقفه ما يؤشر إلى أجواء ساخنة جدّا في المشهد التونسي مع فترة الإحتجاجات الإجتماعية الشتوية بين شهري ديسمبر وجانفي منكل سنة.