إلى حدّ بعيد كان مآل الأزمة السياسية الأخيرة المترامية منذ أشهر في المشهد التونسي معلوما بالضرورة بعد النتائج “المفاجئة” لبلديّات ماي 2019 الأولى من نوعها في البلاد بعد الثورة و في ظل دستور جديد نص بشكل مباشر على الديمقراطية المحلية،مآل لخّصه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في حواره الأخير في جملتين الأولى “التوافق إنتهى” والثانية “هذه ليست حكومة وحدة وطنية”. يعكس موقف حركة النهضة في الأزمة السياسية الأخيرة التي عاشتها تونس أن نقاط الخلاف لا تتعلّق بالتوافق ولا بالوحدة الوطنيّة في حدّ ذاتها بل بالمضامين من وراء التوافقات في علاقة مباشرة باستكمال المسار السياسي المتعثر من جهة و كذا في علاقة بالإستحقاقات الكبرى للبلاد في قادم الشهور بل تشريعيات ورئاسيات 2019 إنطلاقا من قانون المالية الجديد ومرورا باستكمال ارساء الهيئات الدستورية وأهمها على الإطلاق المحكمة الدستورية وتجديد ثلثي أعضاء هيئة الإنتخابات. موقف حركة النهضة أثار جدلا واسعا لا يتعلّق بمضامينه بقدر ما يتعلّق الأمر بتأويلات الرافضين لبقاء يوسف الشاهد للموقف فالنهضة قد عبّرت على لسان زعيمها راشد الغنوشي في إجتماعات قرطاج وبعد تعليقهاعلى أن المسألة تتعلّق بالأساس ببرنامج وخارطة طريق عمل الحكومة الجديدة والتوافق على رئيسها قبل المرور الى إقالة الرئيس الحالي يوسف الشاهد، موقف تمّ تفسيره على أنه مساندة للشاهد. في حواره التلفزي ركّز رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ركّز بأسلوبه وطريقته على أن التوافق “شخصيّ” بينه وبين زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي وكشف ضمنيّا على أن الصراع أيضا “شخصي” بينه وبين رئيس الحكومة يوسف الشاهد من خلال محاولة الظهور في موقع صاحب الفضل على وصوله إلى القصبة. من ناحية أخرى وفي قلب الأزمة السياسية الحالية صراع “شخصي” بين المدير التنفيذي لنداءتونسحافظ قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد ظهر أساسا في تصريح صحفي لرئيس الحكومة إتهم فيه بشكل مباشر حافظ قائد السبسي بالتسبب في أزمة نداء تونس، تصريحات إشترط السبسي الإبن أن يخرج الشاهد ليعتذر عنها علنا حسب تصريحات قياديين مغادرين لسفينة النداء في الأيام الأخيرة. وليس بعيدا عن الأزمة بين النداء ورئيس الحكومة فإنّ نداء تونس يعاني بدوره أزمة متفاقمة منذ ثلاث سنوات لأسباب “شخصيّة” فالأزمة باتت وراء إسم حافظ قائد السبسي بالأساس وهو ما صدر عن كل المغادرين لسفينة الحزب من قياديين وإطارات ونواب. ضمن تفاصيل الأزمة السياسية في تونس يصرّ الإتحاد العام التونسي للشغل على رحيل رئيس الحكومة يوسف الشاهد بعد تغيّر مفاجئ حدث مطلع شهر مارس الفارط في الموقف من الآداء الحكومي ومن الإستقرار السياسي لسبب يرجعه المتابعون لتفاصيل وتطورات المشهد السياسي التونسي وتقلّباته لصراع “شخصي” بين قيادة المنظمة الشغيلة ورئيس الحكومة.