بعد لقاء رئيس الجمهوريّة الباجي قائد السّبسي برئيس حركة النّهضة راشد الغنوشي، مساء أمس للحديث حول وضع البلاد والعودة الى مسار التّوافق، أصدر نداء تونس بيانا استثنائيا شكلا ومضمونا. حيث تقمّص بيان الحزب صفة النّاطق الرّسمي باسم رئيس الجمهوريّة، وتناول تفاصيل اللّقاء وموقفا منه لم نعرف أين يمكن ادراجه، أندرجه ضمن مواقف رئيس الجمهوريّة أم موقف النّداء. قانونيا، يضع بيان نداء تونس رئيس الجمهورية في موقف حرج، وهو أحرص الناس على الفصل بين مؤسسات الدولة ومؤسسات الحزب، هذا وقدأعلن الباجي، انتهاء التوافق القائم مع حركة النهضة منذ تشكيل أول حكومة بعد انتخابات 2014. كما أكد موقفه الداعي إلى تغيير حكومي، ترحّل بمقتضاه حكومة يوسف الشاهد، وقد بات المشهد التونسي مفتوحًا على احتمالات عدة، وإعادة تشكّل صعبة، على الرغم من أن مواقف السبسي لم تكن مفاجئة، أخذًا في الاعتبار الأزمة السياسية المستمرة في تونس منذ أشهر.
أثار البيان ضجّة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، فكتب وليد الجلّاد النّائب بالبرلمان والمستقيل من نداء تونس، تعليقا على البيان، “كيما قالو ناس بكري وناس توّا، هاذي قاتلهم أسكتو” وسجّلت عديد الوجوه السّياسيّة استغرابهم ورفضهم للتعدي على مؤسّسات الدولة وخلط المهام. رئيس الجمهوريّة, وهو أدرى النّاس بال”بروتوكولات” وأحرصهم على منصبه وعدم المساس به، كيف سمح لمثل هذا اللّبس أن يستقرّ في بيان فاضح صادر عن حزبه؟ وكيف سيثق التّونسيّون، سياسيّين وعامّة، في حياد مؤسّسة رئيس الجمهوريّة في المستقبل؟ والأهم من كلّ هذا، هو هل أنّ البيان يحمل موقف الباجي أم موقف نداء تونس باسم الباجي؟ يبدو أنّ الباجي لم يلقي باله هذه المرّة، ولعلّ تسرّع نداء تونس بسبب الارتبكاء من امكانيّة العودة إلى التّوافق، كانت سببا في هذا الخلط بين مؤسّسات الدّولة والحزب, لكن يبقى رئيس الجمهوريّة مطالبا بالتّوضيح.