أدّى تراجع مؤشر التنمية في تونس والصعوبات المعيشية إلى ارتفاع نسبة الأميين في البلاد وذلك للمرة الأولى منذ الاستقلال. وتشير الأرقام إلى ازدياد أعداد المنقطعين عن الدراسة في سن مبكرة. ينتقد خبراء ونشطاء في المجتمع المدني ومدرسون في مختلف المستويات التعليمية تقهقر الأنظمة التعليمية في تونس التي باتت تدفع بآلاف الخريجين إلى البطالة بسبب نقص التكوين وعدم قدرتهم على الحصول على وظائف ويبلغ عدد المنقطعين عن التعليم في تونس 120 ألف منقطع أغلبهم من الأوساط الريفية . و كشف وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي في وقت سابق عن أرقام “صادمة” بشأن ارتفاع نسبة الأمية في بلد راهن منذ استقلاله على اجبارية ومجانية التعليم. وقال محمد الطرابلسي ان نسبة الأمية في تونس ارتفعت لأول مرة منذ الاستقلال حيث تطوّرت من 18.2 % سنة 2010 إلى 19.1 % حاليا، وذلك لعدة أسباب من أهمها ظاهرة الانقطاع المبكر عن الدراسة، مما يجعل قضية الأمية ”قضية وطنية وجب تضافر كافة الجهود لمعالجتها والتقليص من حدتها على المجتمع”. وأكد الوزير أن “الدولة بصدد اعداد استراتيجية وطنية لمحو الأمية وتعليم الكبار مع المكتب الإقليمي ل “اليونسكو” بالرباط لتطوير المناهج التعليمية المعتمدة في الغرض وتشريك عدد الفاعلين من القطاع الخاص والمجتمع المدني والمنظمات لدعم تعليم الكبار وهيكلة الإدارة الحالية بما يمكن من احداث مركز وطني لمحو الأمية وتعليم الكبار يتمتع بالاستقلالية الإدارية والمالية”. و تسجل الأمية أعلى نسبة لها في إقليمي الشمال الغربي والوسط الغربي بتونس بنسبة تتجاوز 30 بالمائة مقابل نسبة في حدود 4ر11 بالمائة في اقليم تونس الكبرى وفق ما أفاد به مدير محو الأمية و تعليم الكبار بوزارة الشؤون الإجتماعية هشام بن عبدة. وأكد بن عبدة وجود تباين في انتشار هذه النسبة المقدرة ب 1ر19 بالمائة بين الجهات والقطاعات الإقتصادية وعلى أساس الجنس في وقت يناهز فيه الأميون حوالي 3ر1 مليون شخص أي ما يوزاي خمس سكان البلاد. وذكر أن الأمية تبلغ 4ر6 بالمائة في الصناعات المعملية لكنها تصل الى 53 بالمائة في مجموع الناشطين في الفلاحة والصيد البحري مؤكدا أنها تناهز نسبة 42 بالمائة لدى الذكور و25 بالمائة في صفوف الاناث. وأقر المسؤول ب تذبذب الإرادة السياسية في مكافحة الأمية بتونس ذلك أن الخيارات السياسية لم تشهد استقرارا في الرؤية والتطبيق موضحا أنه تم التركيز على الأمية الأبجدية في تدريس القراءة والكتابة دونما إدراج هدف مكافحة الأمية الرقمية والوظيفية. وأضاف أن تونس تواصل تنفيذ البرنامج الوطني لتعليم الكبار الذي يستقطب سنويا 21 ألف منتفع للحد من الأمية لكن يتسرب من مقاعد الدراسة بها سنويا 120 ألف منقطع حسب تقديره. وأفاد بأنه تم اعداد استراتجية وطنية للتقليص من الأمية الى حدود 10 بالمائة بحلول العشر سنوات المقبلة مقابل 1ر19 بالمائة حاليا ترتكز أساسا على ادماج المنتفعين ببرنامج تعليم الكبار في سوق الشغل عبر تمويل مشاريعهم بواسطة البنك التونسي للتضامن وبالشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني.