تعيش تونس في هذه الفترة مخاضا سياسيا وإعلاميا شائكا، في ظلّ اقتراب الانتخابات التشريعية والرئاسية والتي ستنظم في آخر 2019، ومع اقتراب هذه المواعيد الحاسمة، وبعد تسوية وضعية الهيئة العليا للانتخابات بانتخاب رئيس لها وتجديد الثلث من قبل مجلس نواب الشعب، اقتربت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري “هايكا” من موعد إنهاء مهامها، وسط بطء تحقيق خطوات من أجل انتخاب هيئة جديدة في ظلّ تباين للآراء بين الحكومة والهايكا وبعض الكتل النيابية. ورجّحت النائب مجلس نواب الشعب والعضو في مكتبه كلثوم بدر الدين في تصريح لموقع “الشاهد” عدم التوصّل لانتخاب هيئة عليا مستقلّة للاتصال السمعي البصري خلال هذا العام في ظلّ قرب انتهاء عمل “الهايكا” الحالية في ماي القادم، مؤكّدة أنه لا يمكن انتخاب هيئة جديدة قبل المصادقة على القانون الخاص بها. وأضافت بدر الدين أنّ هنالك تباينا كبيرا، بين مقترح القانون التي تقدّمت به الحكومة والمقترح التي تقدّمت به الهايكا والذي يدعمه مجموعة من النواب مبيّنة أنّه لا يمكن المصادقة على قانون قبل توافق الطرفين. وتابعت بدر الدين: “لا أعتقد أنّه سيتم انتخاب هيئة جديدة في هذه العهدة النيابية”، موضحة أن هنالك فصل في الأحكام الانتقالية يؤكّد أنه على الهايكا مواصلة مهامها إلى حين انتخاب هيئة جديدة. من جانبها، قالت نائبة رئيس “الهايكا” آسيا العبيدي، إن الهيئة ستواصل القيام بمهامها بعد انتهاء مدة عملها في شهر ماي المقبل، إلى أن يتم انتخاب أعضاء الهيئة الدستورية الجديدة “هيئة الاتصال السمعي البصري” من قبل مجلس نواب الشعب. وبينت العبيدي في تصريح إعلامي أن الأحكام الانتقالية في دستور 2014 نصت على أنه “تواصل الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري القيام بمهامها إلى حين انتخاب هيئة الاتصال السمعي البصري”. وبخصوص تأطير الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة، أكدت عضو الهايكا، أن الهيئة ملزمة بالقانون بتأطير هذه الانتخابات ، مبينة أنه سيتم العمل على صياغة قرار مشترك بين هيئة الاتصال السمعي البصري والهيئة العليا المستقلة للانتخابات يؤطر التغطية الإعلامية للحملة الانتخابية قريبا، على غرار ما تم العمل به في الانتخابات السابقة. يشار إلى أن المرسوم عدد 116 لسنة 2011 المتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصري وبإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري، نصّ في فصله السابع الى أنه: “.. يتم تعيين رئيس الهيئة ونائبه وأعضائها لمدة ست سنوات غير قابلة للتجديد ويقع تجديد ثلث أعضاء الهيئة كل سنتين بالتناوب..”، وقد تم الإعلان رسميا عن إحداث الهيئة يوم 3 ماي 2011. وفي سياق متصل، طالبت سبع منظمات حقوقية منذ حوالي أسبوعين الحكومة، بسحب قانون حرية الاتصال السمعي والبصري، لتعارضه مع دستور البلاد، داعية إلى التصديق على مشروع قانون أساسي متكامل وموحد يستجيب للمعايير الدولية. ودعت المنظمات المذكورة إلى ضرورة سحب مشروع القانون الأساسي لهيئة الاتصال السّمعي والبصري الذي تقدّمت به الحكومة، نظراً إلى ما تضمّنه من تعارض مع مقتضيات الدستور، وخاصة أحكام “الفصل 49” منه بشأن ضمانات حرية التعبير، واقتصار أحكامه على تنظيم الهيئة التعديلية من دون توفير الآليات القانونية الكفيلة بممارسة الصلاحيات الموكل إليها لتعديل المشهد الإعلامي السّمعي البصري. ورأت أن القانون بصيغته الحالية من شأنه أن يضرب استقلالية “الهايكا” ويحد من صلاحياتها، على اعتبار أن القانون المنظم للهيئة التعديلية وممارسة الاتصال السمعي البصري يشكل ضرورةً وحدةً متكاملةً ومترابطةً في أهدافها ومقاصدها. والمنظمات التونسية التي تعارضه هي: “الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية” و”الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد” و”الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية” و”هيئة النفاذ إلى المعلومة” و”الهيئة الوطنيّة لمكافحة الاتجار بالأشخاص” و”الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري” (الهايكا)، و”الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب”. تجدر الإشارة إلى أن الخلاف بين الحكومة التونسية و”الهايكا” حول القانون المنظم لعمل الأخيرة يعود إلى أكثر من عامين. إذ ترى فيه الهيئة مسّاً باستقلاليتها ودورها، بينما تصر الحكومة على ضرورة رضوخ “الهايكا” للشروط الإدارية لعمل الهيئات، ومن ضمنها حدود صلاحياتها وتمويلها