تداول عدد من المواقع والإذاعات وحتى صفحات التواصل الاجتماعي فايس بوك في الأيام الأخيرة خبر زيادة منتظرة في أسعار المحروقات في وقت تعهدت فيه الحكومة بعدم الزيادة في 2019 خاصّة أن سعر “البترول” في السوق العالمي مازال دون السقف الذي وضعته الحكومة في ميزانية 2019. وأكد المستشار التنفيذي للمعهد العربي لرؤساء المؤسسات مجدي حسن يوم الاثنين 4 مارس 2019، إنه من المتوقّع خلال الأيام القادمة أن يتم الترفيع مجدّدا في أسعار المحروقات. وفي تعليقه على الترفيع في سعر المحروقات قال مجدي حسن :”إن التحكم في عجز ميزانية الدولة يمرّ بالضرورة عبر التقليص في نفقات الدعم على المحروقات”. ويأتي هذا الترفيع في إطار الحفاظ على التعهدات في علاقة بالعجز بالميزانية بعد تأجيل صندوق النقد الدولي صرف القسط الخامس لتونس المقدّر ب 255 مليون دولار. وزير الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، سليم الفرياني، سارع إلى نفي هذا الخبر مؤكّد أنه لا نية للحكومة للترفيع في أسعار المحروقات في الفترة المقبلة على عكس ما راج في بعض وسائل الإعلام. جاء هذا النفي، على هامش يوم دراسي انتظم، الثلاثاء بمقر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية حول موضوع “كلفة الطاقة على المؤسسات الاقتصادية”. وقال الفرياني “ان الحديث عن الترفيع في أسعار المحروقات هو مجرد إشاعات”، مشيرا إلى تخصيص الحكومة موارد بقيمة 2,8 مليار دينار في ميزانية 2019 لدعم الطاقة مقابل دعم بقيمة 2,7 مليار دينار سنة 2018. وأوضح الوزير، أن الحكومة لجأت العام الماضي الى الترفيع في أسعار المحروقات بسبب تضاعف ارتفاع سعر برميل النفط في الأسواق العالمية إلى 80 دولار مقابل 40 دولار للبرميل عام 2017، فضلا عن استمرار انزلاق قيمة الدينار. ودعا وزير الصناعة إلى معاضدة مجهود الدولة من قبل القطاع الخاص من أجل الترفيع في إنتاج الطاقة عبر النهوض بالطاقات المتجددة، كاشفا بأن الحكومة تخطط لإنتاج 3500 ميغاوات من الكهرباء باستغلال الطاقات المتجددة بحلول سنة 2030 بالتعاون مع القطاع الخاص. من جانبه،قال الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي في تصريح لموقع الشاهد إن السعر الافتراضي للبترول في ميزانية الدولة لسنة 2019 والمقدّر ب75 دولار للبترول يمكّن الحكومة للإيفاء بتعهداتها إزاء بشأن عدم الزيادة في المحروقات في هذا العام خاصّة ان سعر البترول لم يتجاوز 60 دولار للبرميل. وأضاف الشكندالي أن الفارق بين السعر المفترض والسعر الموجود 15 دولار حيث أن الدولار يدرّ على الميزانية 77 مليار وهذا يعني أن هنالك أموال ضخمة لن تصرف في هذا الصدد وبذلك يمكن للحكومة عدم الزيادة في سعر المحروقات. واعتبر الشكندالي وجود لخبطة في سياسيات الحكومة خاصة وأنّ الحكومة تسعى لجلب الاستثمار وفي الوقت نفسه تمت الزيادة في الفائدة المديرية وهو ما ساهم في ارتفاع نسبة التضخّم. وأفاد الشكندالي أنّه الحكومة ستتوجه لنفقات التنمية في صورة وجود مستجدات مثل الزيادة في الاجور خاصة في ظلّ سنة انتخابية يصعب فيها الزيادة في المحروقات والذي عادة ما يكون له تأثير سلبي. ويرى بعض المحللين أن الحكومة لن تجرأ في هذه الفترة على الزيادة في سعر المحروقات في ظلّ غصب شعبي من الزيادات الكبيرة في الأجور وتدني مستوى المعيشة وخاصّة في ظلّ انطلاق الزمن الانتخابي ومع بروز الطموح السياسي لأغلب أعضاء الحكومة الذين لا يمكن لهم أن يتجرؤوا في الزيادة في سعر المحروقات في سنة 2019. وبعد ترفيع الحكومة في السعر المفترض للبترول ل75 دولار للبرميل في ميزانية 2019 بينما لم يتجاوز في السوق العالمية 55 دولار هذه الأيّام فإنّ الحكومة قادرة على الإيفاء بتعهداتها ولو بصفة وقتية ولكن وفي ظلّ عدم تسلّم تونس للقسط الخامس من قرض صندوق النقد الدولي فإنّ الملاذ سيكون بالتأكيد الزيادة في سعر المحروقات لمزيد الضغط على عجز الميزانية المتواصل. يذكر أن الحكومة كانت قد رفعت عام 2018 ثلاث مرات متتالية في أسعار المحروقات استنادا إلى آلية التعديل الدوري لهذه الأسعار بسبب ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية.