تزامن اعتماد الحكومة على آلية التعديل الآلي في أسعار المحروقات التي أقرتها منذ سنة 2016، بتواصل تذبذب الأسعار العالمية للنفط ليصل حتى يوم أمس إلى حدود ال 80.72 دولارا للبرميل، الشيء الذي يبعث على المخاوف من مواصلة الدولة إقرارها لزيادات مرتقبة في أسعار المحروقات في الأيام القليلة القادمة، وهو ما أكده وزير الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة سليم الفرياني أمس الأول في تصريح إعلامي بأنه سيتم إقرار زيادة جديدة في أسعار المحروقات خلال الفترة القادمة. لتكون هذه الزيادة الخامسة في ظرف سنة واحدة بعد أن أقرت الحكومة في أربع مناسبات منذ مطلع سنة 2018 في أسعار المحروقات؛ الأولى مع مطلع السنة الحالية والثانية في شهر مارس من نفس السنة، وفي مناسبة ثالثة في شهر جويلية، أما المرة الرابعة كانت في شهر سبتمبر المنقضي. وبالرغم من أن التعديل الآلي يفرض وجوبا تحديد أسعار المحروقات في كل ثلاثية وربطها بالسعر العالمي، بما يمكن من تحديد الأسعار النهائية إما بالترفيع أو التخفيض أو الإبقاء على نفس الأسعار لتتواصل هذه العملية بصفة دورية بمعدل كل ثلاثة أشهر حسب المعايير الدولية، إلا أن الأمر بدا مختلفا في تونس بعد أن أخذت هذه الآلية منذ تفعيلها منحا تصاعديا في أسعار المحروقات التي أقرت من خلالها الحكومة الترفيع في أربع مناسبات في ظل تواصل ارتفاع سعر البرميل العالمي. وفي هذه الحالة، يعتبر العديد من الخبراء في الشأن الاقتصادي أن المخاوف المطروحة ليست في اعتماد آلية التعديل الآلي بقدر ما هي مرتبطة بالوضع المشحون الذي تشهده بلدان العالم وعلى رأسها أمريكا وروسيا وإيران والسعودية وتأثير ذلك على أسعار المواد الطاقية برمتها. فاليوم، يمثل تسجيل ارتفاع سعر برميل النفط العالمي بقيمة 10 دولار في ما بين شهرين فقط مشكلا كبيرا سينعكس وطنيا على ميزانية الدولة التي تعاني من عجز متواصل، حيث أن ارتفاع برميل النفط بدولار واحد له كلفة على ميزانية الدولة بحوالي 100 مليون دينار، حسب ما أفاد به المراقبين في الشأن الاقتصادي. كما حذر البنك المركزي التونسي من جهته، من مزيد تفاقم عجز الميزان الطاقي خلال الأشهر القادمة بفعل تجاوز ارتفاع سعر البترول وتجاوز البرميل عتبة ال 80 دولارا في الأسواق الدولية تزامنا مع تراجع الإنتاج الوطني وتواصل توسع عجز الميزان التجاري، خلال الربع الأول من العام الجاري، رغم تسجيل الصادرات لارتفاع في بعض المواد على غرار زيت الزيتون والصناعات المعملية. ويطالب بالمقابل، العديد من المتدخلين في الشأن المالي، الحكومة بالتفكير في القيام بتعديلات في بعض إجراءات قانون المالية للسنة القادمة خاصة انه مازال قابلا للتعديل والمناقشة قبل المصادقة عليه، على خلفية تباين تقديراتها التي جاءت في فصول القانون كفرضية ب 72 دولارا وهي فرضية تبقى مستبعدة إن لم تكن مستحيلة في ظل النسق التصاعدي الذي يشهده سعر النفط في الآونة الأخيرة.