لا حديث في تونس هذه الأيام سوى عن الانتخابات القادمة وأفصحت عنه الاستعدادات لها والحملات الانتخابية المبكرة من تحالفات وجبهات ومتغيّرات في الخارطة الحزبية. حركية واسعة واستعدادات كبيرة ألقت بظلالها على المشهد برمته وعلى الخطاب السياسي لمختلف الفاعلين بين دعاة تقارب وبحث عن أرضيات مشتركة من جهة وأطراف مأزوم تعاني من ارتباك واضح على مستوى خطابها السياسي. رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لم يكن بمنأى عن الحركية السياسية التي تشهدها تونس استعدادات للإستحقاقات الانتخابية القادمة وفي كلمة ألقاها بمناسبة إحياء الذّكرى 63 للاستقلال، عبر عن هواجس كثيرة اعتبر المتابعون للمشهد أنها محاولة لإعادة مجاري العلاقات بينه وبين رئيس الحكومة اليوسف الشاهد بعد قطيعة دامت أشهرا. رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي شدّد في هذا السياق على ضرورة المضي في مسار التقدم والإعداد للمرحلة القادمة، معتبرا أنه “حاول تطبيق الوحدة الوطنية بين كل الأطراف الا بعض الأحزاب تخلفت عن هذا التمشي من ذلك مشروع تونس والحزب الجمهوري ونداء تونس”. وأكد السبسي أنه ليس من مصلحة تونس أن تواصل هذا التمشي، ثم إلتفت لرئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي كان جالسا في مقدمة الحضور على يمين رئيس الجمهورية، ومازحه قائلا “لو كان يرجعلنا الشاهد نمشيو اليد في اليد”. و يتحدّثُ مُراقبون عن تغيرات كثيرة قد تعتري المشهد السياسي في البلاد، مع سعي جل الأحزب لإعادة هيكلة نفسها والبحث عن توليفة تنظيمية جديدة تُجنبها الخسارة التي مُنيت بها في الانتخابات البلدية الأخيرة. و تحدثت مصادر إعلامية متطابقة عن تغير في طبيعة العلاقة التي تربط نداء تونس بحزب رئيس الحكومة يوسف الشاهد “تحيا تونس” في اتّجاه تجديد المشاورات لتوحيد صفوف العائلة الندائية والمستقيلين من الحزب، بعد توتر في العلاقة صاحبته تصريحات مثتشنّجة بين الأطراف المغادرة لسفينة النداء. ولا يستبعد كثيرون ان يكون تصريح رئيس الجمهورية يأتي في إطار هذه المشاورات التي تسعة لإعادة حبل الود بين قرطاج والقصبة بعد صراع حزبي تسرب الى أجهزة الدولة إثر مطالبة نجل الرئيس حافظ قايد السبسي بإقالة حكومة الشاهد ما أدّى إلى خلافات بين الطرفين. وتابع رئيس الجمهورية في خطاب ألقاه اليوم الاربعاء 20 مارس بقصر قرطاج “أعتقد أن كلامي واضح… لنخرج من هذا المضيق… المهم ليس اعلان الترشح للرئاسة… ففي السياسة لا وجود لعداوة ولا صداقة إلى ما لا نهاية.. وهذه السياسة ولدى السياسيين أمر معروف”.