انتهجت تونس منذ سنوات سياسة سن عفو جبائي على الممتنعين عن أداء واجبهم الجبائي بهدف تحفيزهم وتشجيعهم على ايداع تصاريحهم الجبائية. وتمكن هذه العملية من تمكين ميزانية الدولة من موارد مالية تساعدها على إنعاش الخزينة وعدم اللجوء الى الاقتراض من الاسواق العالمية. ولكن هل ان اجراء العفو الجبائي يمكن من حل مشاكل التهرب الضريبي؟ وهل يمكن أن يصبح العفو الجبائي سببا في تكريس عقلية عدم سداد الضرائب في مواعيدها المحددة؟ أكد المستشار القانوني الجبائي والخبير الاقتصادي محمد صالح العياري ان العفو الجبائي ليس إجراء ايجابيا للمنظومة الجبائية وأنه يؤثر سلبا في القيام بالواجب الجبائي، خاصة وانه يشجع المطالبين بالضريبة على التلكؤ والتردد في ايداع تصاريحهم الجبائية في الآجال القانونية على امل سن عفو جبائي لاحق. واضاف العياري في تصريح لموقع “الشاهد” أن العفو الجبائي يكرّس مبدأ المنافسة غير الشريفة بين المطالبين بالضريبة الذين يقومون بواجبهم الجبائي والذين لا يقومون بذلك باعتبار أن الذي يلتزم بدفع الضريبة في موعدها يتكبد كلفة اضافية مقارنة بالذي ينتظر سن عفو جبائي. كما اعتبر ان العفو الجبائي سلاح ذو حدين وانه عند التدقيق في الديون الجبائية المثقلة لدى القباضات المالية والتي بلغت 8.2 مليار دينار أي 20 بالمائة من موارد ميزانية الدولة، يتبيّن أنه إذا ما تم تطبيق الطريقة النظرية التي تعتبر ان تأثير العفو الجبائي سلبي يصبح هناك ديون مثقلة دون القيام بما يجب القيام به لاستخلاص ولو جزء منها، خاصة وان ميزانية الدولة في حاجة اكيدة لمثل هذه الموارد الجبائية للتقليص اكثر ما يمكن من عجز ميزانية الدولة. واشار العياري الى ان العفو الجبائي سلبي، لكنه ضروري في انتظار القيام بإصلاح جبائي شامل ومعمق يحدّ اكثر ما يمكن من ظاهرة التهرب الضريبي معتبرا ان الاصلاح يتمثل في تشريع نصوص واضحة وسنّ نسب ضريبية غير مرتفعة، إضافة الى تطوير ادارة الجباية وتكوين اعوان الجباية وتمكينهم من الوسائل الضرورية للقيام بعملهم كما ينبغي. واعتبر انه من خلال إعداد ارضية ملائمة للمطالبين بالضريبة للقيام بواجبهم الجبائي في احسن الظروف وارساء عدالة جبائية حقيقية وتمكين ميزانية الدولة من موارد جبائية، يمكن حينها الاستغناء نهائيا على العفو جبائي. وللإشارة فقد طالبت الغرفة النقابية الوطنية للمستشارين الجبائيين بتأخير انتهاء أجل الانخراط في العفو الجبائي من 31 مارس الى 30 جوان 2019 وذلك بهدف تعبئة موارد اضافية لتمويل ميزانية الدولة ولتمكين اكبر عدد ممكن من المطالبين بالأداء الضريبي من الانتفاع بإجراءات التخلي عن خطابيا المراقبة وخطايا التأخير. وللتذكير فقد دخل يوم 20 جانفي الفارط إجراء العفو الجبائي حيز التنفيذ الذي أقره قانون المالية 2019 بحسب ما جاء في الفصل 73 لفائدة كل المطالبين بتسديد ديون وخطايا جبائية بينهم الشركات والمؤسسات وأصحاب “الباتيندات” الذين تخلفوا عن تسديد ديونهم الجبائية وفي اطار اجراءات لتيسير تسوية وضعية المطالبين بالأداء والتي تشمل أيضا الخطايا الديوانية. وبإمكان المعنيين بالعفو التمتع بالعفو الجبائي بعد المبادرة بتسديد أصل الدين الجبائي للتمتع بطرح الخطايا. وتم تحديد آخر أجل للانتفاع بإجراءات العفو الجبائي يوم 31 مارس 2019 بالنسبة للديون الجبائية والخطايا والعقوبات المالية. ويتم هذا الإجراء بعد التقدم بمطلب في الغرض لدى القباضة المالية للتمتع بالعفو شرط تسديد الأصل على امتداد فترة زمنية معينة.