أثار قانون المساواة في الميراث الذي دعا له رئيس الجمهورية جدلا واسعا صلب المجتمع التونسي والبرلمان، فانقسم التونسييون بين مؤيّد ومعارض لهذه المبادرة التشريعيّة. واعتبر أن كل من رحّب بهذه المبادرة ضمن الحداثيين والحريصين على حقوق المرأة فيما اعتبر كل من عارض هذا القانون استنادا إلى النص الديني رجعي ولايؤمن بحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين. وقد أصبح ملف المساواة في الميراث سلاحا لبعض الأحزاب السياسية لاستقطاب الناخبين ولإنجاح مشروعهم السياسي، كما تجاوز هذا الملف الأبعاد السياسية والاجتماعية ليصبح سببا في إقالة ائمة أعلنوا اعتراضهم على هذا القانون من مساجدهم. وأفاد الإمام بجامع صفاقس عبد الحكيم السعداوي أنه تمت إقالته على خلفيّة دعوة معوّضه إلى مسيرة رافضة لقانون المساواة في الميراث في شهر جويلية الفارط. وفي تفاصيل الحادثة أفاد الإمام في تصريح لموقع الشاهد بأنه سافر في شهر جويلية الفارط وعيّن إماما خلفا له، وصادف أن حضر والي صفاقس بالمسجد أثناء خطبة المعوّض فلم ترق له دعوة المعوّض إلى رفض قانون المساواة في الميراث لتقاطعه مع الشريعة، وتبعا لذلك تم التحقيق مع الإمام المعوّض. وأضاف السعداوي أن الإدارة حققت معه أثناء عودته من السفر عن سبب غيابه عن المسجد وتعيينه للمعوّض المذكور “رغم انه يعوض في معتمدية صفاقس الغربية بأكملها”، وبيّن أنه قدّم اعتذاره لأنه لم يقدّم مطلبا كتابيا للإدارة عند عزمه السفر وأن الاستشارة كانت شفاهية فقط. وأكد الإمام أنه خلال شهر أكتوبر أشعر بنية لإقالته وأن لجنة مراقبة سير المساجد المتكوّنة من الوالي وطرف يمثل الامن والادارة رفضوا إقالته ماعدا والي صفاقس الذي تشبّث بإقالته وتواصل مع وزير الشؤون الدينية في هذا الصدد ليتم إعلامه في شهر مارس الفارط بأنه أقيل بسبب عدم التزامه بالخطة المسجدية. واضاف أن الوالي اعتبر أن موضوع المساواة في الميراث لا يجب تناوله في المنبر على الرغم من أن وزير الشؤون الدينية أتاح للامام الخطيب الإدلاء برأيه في مواضيع تخص الراي العام. كما أكد الإمام على أنه أعد مطلب اعتراض في انتظار تحديد موعد مع وزير الشؤون الدنية لإطلاعه على تفاصيل الحادثة، كما أشار إلى أن المسجد الذي يؤم فيه مستقر منذ سنة 2012 ومكتمل الاطار وملتزم التزاما كاملا مع المواطنين. وللتذكير فقد صادق مجلس الوزراء خلال اجتماعه برئاسة الباجي قايد السبسي على مسودة قانون الأحوال الشخصية الذي يتضمن أحكاما بالمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، واعتبر السبسي أن “تونس دولة مدنية تقوم على 3 ركائز أساسية وهي المواطنة وإرادة الشعب وعلوية القانون "، مشيرًا إلى أن مبادرة المساواة في الميراث بين المرأة والرجل، التي قدمتها رئاسة الجمهورية، دفع إلى طرحها، مضمون الدستور التونسي “. وكان رئيس الجمهورية قد شكّل سنة 2017 لجنة الحريات الفردية والمساواة وكلّفها بصياغة مقترحات إصلاحية في المنظومة التشريعية التونسية بهدف توسيع الحريات. وتضمّن تقرير اللجنة تنصيصًا على ضرورة إلغاء عقوبة الإعدام وتحقيق المساواة في الميراث وعدم تجريم الشذوذ الجنسي. ومن وجهة نظر الشريعة قال مفتي الجمهورية عثمان بطيخ، :”الله تعالى يقول في سورة “النساء” وفي الآية 11،” يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ» ولذلك فالآية واضحة ولا مجال للاجتهاد لأن المسألة محسومة في العالم الإسلامي ويجب في هذا احترام الشريعة لأن الله تعالى قام بتولي قسمة الميراث تفاديا لما قد يحصل من خلافات وإشكالات”. كما أكد مفتي الجمهورية عدم أحقية اصدار فتوى بخصوص إقرار المساواة في الميراث. وأقر المفتي بوجود خلط بين العلم والدين والسياسة الشيء الذي يجب أن لا يحصل، مشيرا إلى أنه لا يمكن تتبع بعض الشيوخ الذين يصدرون الفتاوى لأن الدستور يضمن لهم حرية التعبير لكن مقاوتهم تكون عبر الحوار والفكر. أمّا دار الإفتاء التونسية فقد اعلنت تأييدها لمقترحات السبسي، حول المساواة بين الرجل والمرأة في كل المجالات بما فيها الإرث.