تجدُ حكومة الشاهد نفسها في منتصف معادلة صعبة، وسط اكراهات يسلطها صندوق النقد الدولي ووسط المؤشرات الصعبة والمخاوف الكبيرة التي تتعلق بارتفاع نسبة التداين و تعمق العجز التجاري خاصة في ظرف يتسم بتشتت الأوضاع الاجتماعية و السياسية و التراجع المتواصل للدينار التونسي امام الاورو والدولار . الأمر الّذي جعل تونس تتشبث بطوق نجاة ممثّلا في القروض المجزّأة التي يمنحها صندوق النقد الدولي ،مرفقة بحزمة من الشروط لعل آخرها تلك المتعلقة بتقليص كتلة الأجور و التي ارتفعت بشكل كبير في السنوات الخمس الاخيرة. و بحسب النقد الدولي فإنّ فاتورة أجور القطاع العام التونسي يعدّ من أعلى الأجور في العالم، بالنظر إلى حجم اقتصاد البلاد، وأوضح المسؤول في صندوق النقد الدولي، بيورن روذر في إطار زيارة أدّاها إلى تونس وتواصلت من 27 مارس الى 9 أفريل 2019 أنه “سيكون، أيضا، من المهم مزيد التحكم في كتلة التأجير العمومي، التي تبدو من بين أكثر الكتل حجما في العالم مقارنة بالناتج الداخلي الخام. وسيسهم ذلك في مزيد فسح المجال للنفقات الأساسية المخصصة للأسر الهشة والتعليم والصحة. وتستأثر كتلة الأجور في تونس وبحسب بيانات رسمية بحوالي 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لتونس، في حين يتكدّس مئات الموظفين في الوظائف العمومية دون تقديم أي فائدة تذكر و لا يملكون أي عمل ينجزونه طوال النهار ما دامت دائرتهم ليست خدمية لكنهم يتقاضون نفس أجور زملائهم ويكبدون الدولة خسائر بالمليارات دون تقديم إسداء أيّ خدمة. كما تشير المعطيات الى ان معدل الاجر الخام كان 1389دينارا شهريا في 2015 واصبح ما يقارب 1823 دينار سنة 2018 اي بزيادة 3.31 بالمائة في ثلاث سنوات بين 2015 و2018 كما ارتفع الاجر الخام الشهري للعملة ارتفع ب 24 بالمائة في ثلاث سنوات من 47 دينار الى 1025 دينار سنة 2018. و أكّدت دراسة للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية حول أزمة الوظيفة العمومية في تونس أن عدد الموظفين في القطاع الحكومي تضاعف 16 مرة منذ الاستقلال، إذ ارتفع من حوالي 36 ألفا عام 1956 إلى أكثر من 690 ألفا سنة 2017. هذا وتندرج زيارة وفد الصندوق إلى تونس في سياق المراجعة الخامسة لمتابعة الإصلاحات التي التزمت بها الحكومة التونسية والتي تحصلت بموجبها على قرض على أقساط لمدة اربع سنوات وقد استكملت أعمالها، الثلاثاء 9أفريل، وفق ما أكده الصندوق في بلاغ أصدره أمس الأربعاء. ويذكر أنّ صرف القسط السادس من قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 250 مليون دولار يتصل بهذه المراجعة. علما وان الصندوق صادق في ماي 2016 على منح تونس قرضا بقيمة 2،9 مليار دولار لتونس. وتحصلت تونس على 1،4 مليار دولار من إجمالي هذا القرض. وسيتم صرف القسط المتبقي من القرض خلال الفترة المتراوحة ما بين بداية سنة 2019 إلى حدود أفريل 2020.