لا تكاد تمر بشارع أو مقهى أو مؤسسة تربوية أو حتى بوسائل النقل إلا وتلاحظ أن أغلب التونسيين منغمسون في شاشات هواتفهم الذكية ويبحرون على مواقع التواصل الاجتماعي، ونادرا ما تجد مواطنا يتصفح ورقات صحيفة والأندر أن تجد مواطنا يتصفح ورقات كتاب أو رواية. أرقام مفزعة أعلن عنها معهد ايمرود لاستطلاع الرأي في تقريره الشهري بمناسبة معرض الكتاب تحت عنوان “التونسي والكتاب”، حيث أظهرت دراسة أجريت على عينة متكونة من 1000 شخص أن علاقة التونسي بالكتاب تكاد تكون شبه منعدمة اذا استثنينا الكتب المدرسية والمجلات والمصاحف، اذ يبدو أن التونسي لا يخصص ميزانية ولا وقتا للكتاب ماعدا المناسبات السنوية كمعارض الكتاب التي يشهد على اثرها القطاع انتعاشة بسيطة. وقد أظهرت الدراسة أن 89 بالمائة من التونسيين لم يقوموا بشراء كتاب خلال السنة الفارطة ماعدا الكتب المدرسية والمجلات بينما خصص 10 بالمائة فحسب ميزانية لشراء الكتب خلال 12 شهرا الفارطين، وبينت الدراسة ذاتها أن 82 بالمائة من التونسيين لم يقرؤوا كتابا خلال السنة الفارطة مقابل 17 بالمائة ممن طالعوا كتبا مخالفة للكتب المدرسية وذات الصبغة الدينية كالمصاحف. وأكد الباحث والكاتب محمد الحاج سالم أن أسباب عزوف التونسي عن القراءة متعددة ومتداخلة من بينها ارتفاع سعر الكتاب بمفعول انحدار الدينار التونسي، كما أشار إلى أن العزوف عن القراءة ظاهرة عالمية تعزى إلى طغيان التقنيات الجديدة خاصة وان الهواتف الذكية والانترنت والحواسيب تتيح للشخص البحث عن المعلومة باسهل الطرق الممكنة كما أنها تمزج بين التسلية والقراءة. وأضاف الحاج سالم في تصريح لموقع الشاهد أن الانتنرنت توفر المعلومات لكن بدون تحليلات في حين أن الكتب تحلّل الظواهر في العمق ورغم ذلك اضحت غير مطلوبة والقارئ غير معني بها. كما بيّن المتحدّث وجود نقص رهيب في المطالعة والتشجيع عليها حتى في مرحلة الابتدائي والثانوي وأن بعض الاشخاص لا يقرؤون البتة بعد مغادرة مقاعد الدراسة، موضّحا أن استرجاع جمهور القرّاء يكون باعتماد سياسة واضحة تحفّز الشباب على الاهتمام بالقراءة والكتابة. وأضاف الباحث أن الدولة ليس لها سياسة للنشر ولا استراتيجية وطنية من اجل تدعيم الكتاب، وأن هناك دور نشر عديدة لا تحسن التعامل مع الكاتب الذي يخصّص له فقط 10 بالمئة من سعر بيع الكتاب اذا بيع والحال انه كان بالامكان اعتماد سياسة غير المعتمدة حاليا التي تجعل دور النشر تربح مئات الملايين من مجهود الكاتب والمبدع. وشدّد محمد حاج سالم على ضرورة العمل لجعل الناس يحترفون الكتابة مؤكدا أنه اذا توفر الكتاب بالكمية المطلوبة والسعر المتاح للطبقات الوسطى يتقلص العزوف على القراءة. وللإشارة فإن 73 بالمائة من التونسيين لا يملكون كتبا في منازلهم، و63 بالمائة هي نسبة التونسيين الذين لايقرؤون كتبا على الاطلاق ولايدرجون المطالعة ضمن اهتماماتهم أو عاداتهم. أما عن التونسيين الذين يقرؤون من فينة الى أخرى فتبلغ نسبتهم 20 بالمائة، والتونسييون الذين يقرؤون بصفة منتظمة هم 4 بالمئة فقط .