كشف استطلاع أخير للرأي تحت عنوان «التونسيون وقراءة الكتب» أن 85 % من التونسيين لم يقرؤوا كتابا خلال 12 شهرا الماضية، بخلاف الصحف والمجلات والمصحف الشريف. بمناسبة تنظيم معرض تونس الدولي للكتاب، وأن 74 % لا يملكون كتبا في ديارهم باستثناء ما تم استثناؤه سابقا. كان ذلك في استطلاع للرأي أجراه معهد «أمرود كنسيلتينغ» للبحوث استطلاع الرأي بالتعاون مع دار «الصباح» في الفترة المتراوحة بين 2 و4 أفريل الجاري وشمل عينة مكونة من ألف شخص يمثلون نماذج سكانية من كافة أنحاء الجمهورية وينتمون ل24 ولاية بما في ذلك المدن والأرياف. وذلك بإتباع منهجية علمية خاصة ودقيقة. وكشف نفس الاستطلاع الذي شمل عينة تتراوح أعمار المستجوبين فيها ما بين 15 فما فوق، أي الشريحة التي بإمكانها القراءة، وينتمون إلى مختلف شرائح المجتمع من حيث التركيبة الديمغرافية، أن وضعية القراءة والكتاب لا تزال دون مطامح وانتظارات الجميع وخاصة القائمين على الشأن الثقافي والكتاب والمبدعين والناشرين لاسيما في ظل التزايد والارتفاع الملحوظ في أسعار الكتب مقابل غلاء المعيشة وانتشار وسهولة امتلاك والتعاطي مع التكنولوجيات الحديثة. كل هذه العوامل أثّرت سلبا ولا تزال على وضعية الكتاب والقراءة. مما يستدعي ضرورة مراجعة سياسة القائمين على الكتاب والنشر للترغيب في القراءة وإعادة ربط الصلة بين القارئ والكتاب بدءا بمراجعة الأسعار. فتكلفة الكتاب المرتفعة سواء منه العلمي الذي يحتاجه التلميذ والطالب اللذان ليس لهما دخل شهري تمثل احد العوائق كما هو الشأن بالنسبة للكتاب الثقافي المعرفي الموجه للعموم لم تعد في متناول القارئ اليوم خاصة أن أغلبهم منعدم الدخل الشهري. وقد بني هذا الاستطلاع على جملة من الأسئلة تتمثل في: «بخلاف الصحف والمجلات والكتب المدرسية للأطفال، عندكشي كتب أخرى في الدار؟» وهو نفس السؤال الذي تم طرحه في السنوات الثلاث الأخيرة بمناسبة تنظيم معرض تونس الدولي للكتاب 74 % من المستجوبين أجاب بلا و25 % كانت إجابتهم بنعم. في حين كانت نسبة عدد الإجابات بلا سنة 2015 في حدود 79 % وفي حدود 77 % في العام الماضي مما يعني أن علاقة التونسي بالكتاب في تحسن ويجب على الجهات المعنية مراعاة هذا التطور في الإقبال على الكتاب في المستقبل. وفي السؤال المتعلق ب»خلال 12 شهرا الي فاتو، شريتش كتاب باش تقراه بخلاف الصحف والمجلات والكتب المدرسية للأطفال والمصحف الشريف؟» أجاب 9 % من المستجوبين بنعم بعد أن كانت النسبة في العام الماضي ب17 % و14 % في 2016 في المقابل 90 % أجابوا بلا. وتجدر الإشارة إلى أن 43 % من المستجوبين هم من ذوي الدخل الشهري الذي يفوق ألفي دينار. في حين كانت نفس النسبة في حدود 86 % سنة 2015 و 82 % في العام الذي يليه. تراجع وفي سؤال حول القراءة بشكل عام خلال العام المنقضي، أكد 85 % أنهم لم يقرؤوا كتابا واحدا في حين كانت نسبة القراءة في تونس في العام الماضي في حدود 24 % ونسبة من لم يقرؤوا في 2015 تقدر ب81 % و76 % في العام الماضي. إذ يثبت هذا المؤشر أن نسبة الإقبال على القراءة في تراجع ملحوظ. وهو تقريبا ما تؤكده عديد القراءات رغم حملات التحسيس داخل المدارس والمعاهد والجامعات وغيرها من الفضاءات الثقافية للترغيب في القراءة وتحسيس الجميع بأهمية مجالسة الكتاب. وعلى خلاف ما هو مسجل في الوضع الراهن للكتاب 55 % يستشرفون مستقبل أفضل للكتاب والقراءة. وهي نسبة من أجابوا بنعم عن سؤال مفاده: هل تعتقد أن الانترنات ستعوض الكتاب من الآن إلى 2030؟ فيما اعتبر 29 % من التونسيين المستجوبين أن هذه الفرضية غير ممكنة و9% أكدوا أن المسألة ممكنة، فيما أكد 8% أنهم لا يعرفون. والهام في هذا الاستطلاع للرأي أنه يكشف وضع الكتاب والقراءة في تونس اليوم وعلاقة التونسي بالكتاب التي تبقى رهينة عدة عوامل تعد الاقتصادية في صدارتها في ظل الإمكانيات المتاحة للاستمتاع بالقراءة عبر «الانترنات» وما تتيحه الوسائط الرقمية اليوم كبدائل من إمكانية للراغبين في القراءة لاسيما في ظل الصعوبات الاقتصادية تحديدا. نزيهة الغضباني