منذ أزمة الصحفي السعودي خاشقجي، بات الحقوقيون والنشطاء السعوديين الفاعلين خارج بلدهم يتعاملون بحذر شديد مع بلدهم ومع ممثليها الدبلوماسيين في الخارج، خوفا من مصير مشابه لمصير جمال أحمد خاشقجي الذي تتفق أغلب الروايات على أنّه قُتل في قنصلية بلاده في اسطنبول، حيث سجلت كاميرات المراقبة حيثيات دخوله ولم تسجل في المقابل تفاصيل خروجه، في الوقت الذي تسعى فيه السعودية لتحسين صورتها وتخفيف وضعية ولي العهد محمد بن سلمان الذي بات منبوذا دوليّا، منذ تلك الحادثة الأليمة. وكان خاشقجي قد توجه في أكتوبر الماضي إلى قنصلية الرياض في مدينة اسطنبول بتركيا لاستكمال إجراءات ومعاملات قبيل عقد زواجه بأكاديمية تركية، ومنذ دخوله القنصلية لم يخرج منها. وقد أنكرت السعودية أية صلة لها بحادثة الاختفاء وقالت إن الصحفي خرج بعد 20 دقيقة من وصوله، ثم توالت الروايات والمتضاربة والتبريرات، إلى أن اضطرت الرياض أمام الضغط والتنديد الدوليين للاعتراف بمقتل خاشقجي داخل القنصلية، ونسبت الجريمة إلى أشخاص تصرفوا دون علم السلطات في السعودية. ومنذ ذلك الوقت يتعامل الحقوقيون الناشطون خارج بلدهم السعودية واللذين يقودون حملات توعية لنقل الوضع الحقوقي في السعودية ولفضح الممارسات، بشيءٍ من الحذر مع سفارة بلدهم في الدول المقيمين بها بعد أن ثبت أن ولي العهد السعودي قادر على إرسال مجرمين برتبة ديبلوماسيين لتصفية حساباته مع من خرجوا عن صراطه وتمردوا عن قوانينه الجائرة. ومؤخرا، وجهت السفارة السعودية في واشنطن دعوة إلى الناشطة السعودية الحقوقية منال الشريف لزيارة السفارة ولقاء السفيرة الجديدة الأميرة ريما بنت بندر، وذلك وسط حملة تشنها الشريف للتوعية بانتهاكات حقوق الإنسان في السعودية. وقال المتحدث باسم السفارة فهد ناظر، في تغريدة على تويتر، “تلاحظ سفارة المملكة العربية السعودية في واشنطن جولة السيدة منال الشريف في الولاياتالمتحدة وترحب بفرصة زيارتها لمقابلة السفيرة الجديدة صاحبة السمو الأميرة ريما بنت بندر فور توليها منصبها”. واستقبل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، خبر استعداء سفارة السعودية بواشنطن لاحدى الناشطات الحقوقيات بكثير من السخرية والتهكم، محذرين الناشطة منال الشريف من مصير مشابه لمصير الصحفي الراحل جمال خاشقجي. وكتب أحمد محمد ” والله أنا لو مكانها لو دخلوا معايا مراسلين صحفيين لبث اللقاء علي الهواء.. برضه مادخلش أي سفارة سعودية في اى بلد في الدنيا ما حييت .” وعلق أبو أشرف مازحًا ” اكتبي وصيتك قبل ما تروحي..” أمّا عبد الكريم سعيد، علّق قائلا ” الهدف من هذه الدعوة هو ايصال رسالة تحذيرية تهديدية ضمنية لها بالكف عن نشاطها وإلا فالمصير رح يكون مشابه لمن زار القنصلية سابقا.” وكتب عاطف ” لن يمسها سوء كون بومنشار يدرك العواقب الوخيمة التي تترتب عن استعمال المنشار او اي الة حادة هنا.” وكانت الناشطة الحقوقية منال الشريف قالت في أكتوبر الماضي إنها تعرضت لمحاولة استدراج على غرار الطريقة التي اتُبعت مع الصحافي جمال خاشقجي باستدراجه إلى قنصلية بلاده في اسطنبول، حيث تم قتله داخلها. وبدأت الشريف الحائزة على جوائز عالمية بسبب نشاطها الحقوقي ومطالباتها بالسماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، في أفريل الجاري، بحملة لتوعية الأمريكيين بوضع حقوق الإنسان في السعودية، عبر قيادة سيارة من سان فرانسيسكو إلى العاصمة واشنطن حيث من المقرر أن تصل في 25أفريل للتظاهر أمام السفارة السعودية، وفق ما صرحت به لصحيفة “الغارديان” البريطانية ومجلة “تايم” الأمريكية.