أثارت جمعية “عيش تونسي” والتي عقدت ندوتها الصحفية الأولى صبيحة الثلاثاء 23 أفريل، جدلا حول هويتها وطبيعة نشاطها وتساؤلات حول مصادر تمويلها وأهدافها الحقيقية وحملاتها الدعائية الواسعة وامكانياتها الضخمة واستخداماتها لبيانات التونسيين الشخصية، خاصة بعد أن تم الكشف عن علاقة رئيستها بأحد أكبر ممولي حملة الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون. وبحسب المعطيات المتوفرة ، فإن “عيش تونسي” والتي تُعرّف بنفسها على أنها جمعية خيرية قريبة المواطن، تمتلك قاعدة بيانات كبرى تمكنها من النفاذ بسهولة لأرقام التونسيين والتعرف إلى هوياتهم. ويؤكّد القائمون على هذا المشروع أنّ مصادر تمويلهم لا تخرج عن مساهمات الأعضاء العاملين صلب الجمعية رغم أن الجمعية تمتلك إمكانيات ضخمة تتيح لها التنقل في كل الولايات وتوسيع شبكة اتصالاتها بشكل يعادل تحركات المنظمات الكبرى، كما تؤكد المعطيات أن الجمعية أسستها ألفة التراس زوجة أحد مديري الحملة الانتخابية للرئيس الفرنسي ماكرون. ورافق ظهور هذه جمعية، جدل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث حذر نشطاء من هذه المبادرة التي تتلون بشعارات فضفاضة وإجابات ملتوية لا تعبّر عن حقيقة نشاطها. وتساءل في هذا السياق الباحث محمد الحاج سالم ، قائلا “فهّمونا “عيش تونسي” هذه، حزب سياسي وإلاّ منظمة دوليّة وإلاّ جمعيّة خيريّة وإلاّ فريق متاع كورة وإلاّ طريقة صوفيّة، وإلاّ آش من سخطة متاع فلوس وتفليم وأجندات مشبوهة وشبيبة اتّبع وما فاهمة شيء؟” وعلّق محمد نجيب قائلا “احذروا جمعية (عيش تونسي) فهي تمثل الخطر على تونس وشعبها وهي مموله من الخارج ولا تغتروا ببعض المباديء فما تخفيه هو الخطر.” في المقابل يؤكد القائمون على المشروع، أنهم يتعرّضون لحملة تشويه واسعة وذلك منذ الإعلان عن إصدار “وثيقة التوانسة” التي تتضمن 12 إجراء استعجاليا، وخاصة المتعلّق بنزع الامتيازات التي يتمتع بها السياسيون. ونفى منسق جمعية عيش تونسي كل الاتهامات الموجهة ضد الجمعة بخصوص التجسس على التونسيين وعلى معطياتهم الشخصية، مشيرا إلى أنهم قد تقدموا بمطلب إلى الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية خلال الاستشارة الوطنية التي قاموا بها خلال شهر نوفمبر 2018، وذلك في إطار حرصهم على احترام القانون، وفق تعبيره. وعقدت جمعية عيش تونسي يوم الثلاثاء 23 أفريل ندوتها الصحفية الأولى للتعريف بنشاطها وأهدافها والعمل القاعدي الذي ارتكزت عليه لإعداد استشارة شعبية غير مسبوقة شملت أربعمائة ألف تونسي من كامل ولايات الجمهورية، والتي تمخض عنها حسب اعضاء الجمعية وثيقة تتضمن 12 نقطة، ابرزها، إلغاء الامتيازات التي يتمتّع بها السياسيين في المناصب، توفير فرقة أمنية في كل وسيلة نقل، أي اعتداء أو براكاج أو تحرش يعتبر محاولة قتل ويجب محاكمة المعتدي على هذا الأساس، الطرد النهائي لكل موظف يثبت طورته في عملية فساد. واكدت ألفة ترّاس وهي عضوة مؤسسة لعيش تونسي بأن الوثيقة ليست برنامجا ولا استراتيجية، بل هي إجراءات عاجلة رصدتها مجموعة عيش تونسي لتحسين وضع المواطن التونسي وضمان غد أفضل، مشيرة إلى أن الوثيقة كانت نتيجة حاجيات تكررت وتواترت على لسان كل التونسيين، وقد تم عرض هذه الإجراءات على مجموعة من الخبراء لبحث إمكانية تطبيقها. حسب تعبيرها. جمعيّة عرضة لتتبعات جزائية وتعمل جمعية عيش تونسي على تشجيع التونسيين على استهلاك المنتوجات التونسية حرصا منها على دفع عجلة الاقتصاد وانتعاش الاقتصاد التونسي الذي شهد نكسة منذ اواخر سنة 2010. لئن عملت الجمعية على تشريك الشباب وتنظيم تظاهرات كبرى بالجم والكاف وغيرها والتواصل المباشر أو عبر الهاتف مع المواطنين لاستفسار عن تطلعاتهم وغيرها من المواضيع المتعلّقة بالشخص وبوضع البلاد، فإن هذه الجمعية لاقت حملة تشكيك كبيرة حول مصادر تمويلها وغاياتها وأهدافها. ومن جانبها أكدت الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية أنها لم ترخص لجمعية “عيش تونسي” لمعالجة المعطيات الشخصية التى جمعتها في إطار استشارة شملت 400 ألف شخص، وذلك خلافا للتصريحات التي أدلى بها الممثل القانوني للجمعية والتى أكد فيها أن الجمعية تحصلت على التراخيص القانونية اللازمة. وأوضحت الهيئة في بلاغ لها أن الجمعية اقتصرت في شهر نوفمبر 2018 على إيداع ملف تصريح في معالجة معطيات شخصية عادية دون التعرّض إلى مسألة الاستشارة ومعالجة معطيات الاتصال وتحصلت على ترخيص لا يتعلق بمعالجة المعطيات الحساسة، مؤكدة أن الترخيص المسبق هو وجوبي باعتبار أن التجميع يتعلق بمعطيات شخصية حسّاسة تتمثل في قاعدة بيانات لأرقام هواتف المواطنين المستجوبين. كما دعت الهيئة الجمعية إلى وضع حد لهذه الخروقات والتي من شأنها أن تجعلها عرضة لتتبعات جزائية على معنى أحكام القانون الأساسي عدد 63 لسنة 2004 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية. تجدر الاشارة الى أن العديد من الملاحظين اعتبروا أن الجمعية تسعى للتموقع داخل المشهد السياسي بل ومنافسة السياسيين على انتخابات 2019 حيث أعلنت ألفة التراس “رئيسة الجمعية” مؤخرا نيتها الترشح لرئاسية 2019 . وللتذكير فإن المنسق العام لمشروع “عيش تونسي” سليم بلحسن، قال خلال ندوة صحفية أن هذا المشروع هو عبارة عن أكبر استشارة شعبية في تونس، شارك فيها اكثر من 400 ألف تونسي وتونسية من مختلف الشرائح العمرية، وأسفرت عن وضع خطة وثيقة التوانسة”. وأضاف أن “وثيقة التوانسة” ستطرح على التونسيين للمصادقة عليها، بهدف “مجابهة الانتهازيين ومكافحة الفوضى والفساد الذي انتشر في كل مناحي الحياة”، وفق تقديره.