تستحضر الأمّة العربية والإسلامية اليوم 2 نوفمبر 2019 الذكرى 102 لوعد بلفور أو كما يسميه البعض بوعد “من لا يملك لمن لا يستحقّ” والذي بموجبه تم تشييد دولة لليهود في فلسطين وكان الخطوة الأولى لذلك. الوعد المشؤوم صدر عن وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور في رسالة بعث بها إلى اللورد روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية في تلك الفترة يبلغه فيها بتعاطف الدولة البريطانية مع اليهود ومع ما حصل لهم متعهّدا له بإقامة دولة لليهود في فلسطين. تحقق وعد بلفور بعد 30 سنة من ذلك بعد رغم وفاته سنة 1930 ولكن الدولة البريطانية التي استمرت هي من حققت ذلك الوعد المشؤوم، وواجه ذلك الاعلان عن دولة صهيونية في فلسطين مقاومة عربية كبيرة من الشعوب والحكام الذين وعدوا فلسطين بالاستمرار في دعمهم والوقوف معهم بكل الأشكال في صراعهم مع اليهود لاستعادة الأرض المنتزعة غصبا. عرف الصراع العربي الإسرائيلي شدّ وجذب ومفاوضات وهدنة أحيانا وجرائم بشعة قام بها اليهود ضد الفلسطنيين إلى أن آلت معظم الأراضي الفلسطينية إلى الصهيانة الذي ساعدتهم الدول العظمى والمنتظم الأممي في المحافظة على هذه الأرض وتوسيع الاستطان بها في وقت تراجع فيه العرب عن وعودهم وأصبحت القضية الفلسطينية ورقة سياسية من أجل المساومات مع الفلسطينيين ومع الدول الكبرى وحتى مع الصهاينة. بدأ العرب منذ بداية الستينات يتراجعون شيئا فشيئا عن دعم القضية الفلسطينية فدعا عبد الناصر الفلسطينيين في 1964 إلى تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية وأكّد أنهم وحدهم القادرون عن استعادة أرضهم ثم دعاهم الرئيس بورقيبة للقبول بالتقسيم ثم دخل معهم ملك الأردن حسين الثاني في مشاحنات انتهت بمواجهات مسلّحة استعملت فيها الأردن من السلاح ما لم تستعمله ضدّ العدو الصهيوني. بعد ذلك تتالت الأحداث والمواقف التي خذلت القضية من تطبيع مع الكيان الصهيوني واستعمال للقضية الفلسطينية من أجل حسابات سياسية حتى المساهمة في اقتسام الداخل الفلسطيني وتخوين المقاومة ودعم طرف دون آخر بل والتحريض عليه واعتبار أن الكيان الصهيوني أقرب للأمة العربية من المقاومة في غزّة على غرار الموقف الإماراتي. لم يكن وعد “بلفور العربي” سواء مواقف تبددت مع الزمن وذهبت أدراج الرياح وظهرت مواقف عربية جديدة خاصة في منطقة الخليج ومصر تعترف بحقّ الإسرائيليين دون الفلسطنيين وتوطّد العلائق معهم وتمدّ يدها نحو جسور التطبيع.