تحتلُّ تونس المرتبة الثانية عربيا بعد سوريا، في هجرة الكفاءات العلمية وصفوة النخبة الأكاديمية والعلمية الوطنية من ذوي الاختصاصات المهمّة كالطبّ والصيدلة والهندسة الذين يفضّلون العمل بالخارج بعد أن تكوّنوا في تونس. وشهدت تونس خلال السنوات الأخيرة هجرة أعداد غير مسبوقة من الأطباء الذين غادروا البلاد للعمل في دول أوروبية وخليجية على غرار ألمانياوفرنسا وقطر والسعودية، في حين بلغ عدد أطباء الإختصاص الذين هاجروا إلى الخارج وبالتحديد البلدان الأوربية منذ بداية العام الجاري وإلى حدود شهر أكتوبر تجاوز ال400 طبيب، بحسب ما اكده الدكتور محمد عياد الناطق الرسمي بإسم تنسيقية المهن الطبية المتعاقدة مع الصندوق الوطني للتأمين على المرض . وأشار محمد عياد في تصريح اعلامي اليوم الثلاثاء إلى أن إرتفاع هذا العدد يرجع إلى كثرة إستهداف الأطباء بعد الثورة وإتهامهم بعدم القيام بواجباتهم الجبائية وكثرة الأخطاء الطبية ونعتهم بشتى النعوت وتعنفيهم بالمستشفيات والعيادات الخاصة ورفض صندوق تحسين مدة خلاص أتعاب الأطباء دفع مستحقاتهم . وأضاف أن هذه الظروف دفتعهم للهجرة لضمان مستقبلهم المهني ولأن هذه الدول توفر لهم ظروفا أحسن للعمل مشيرا إلى أنه في حال عدم إلتفات الدولة لوضعية الأطباء وتوفير الأجهزة وتأمين سلامتهم فإن هذه الوضعية ستتعقد في السنوات القادمة حسب تصريحه على هامش مؤتمر صحفي للنقابة التونسية لأطباء القطاع الخاص. ويعزو مراقبون هجرة الكفاءات إلى سببين ،أولهما تدنّي الرواتب في تونس مقابل تلك التي تُمنح في دول الاستقطاب على غرار فرنسا و بلجيكا و كندا إذ يساوي الأجر هُناك 6 أضعاف ونصف الأجر في تونس.. أمّا السبب الثاني فيتعلّق بالمناخ العلمي المريح والمتطوّر الذي تتيحه بلدان الإقامة لأصحاب الكفاءات وما يتوفّر فيه من وسائل البحث العلمي، هذا إضافة إلى البطالة التي تمس الأطباء المتخرجين، حيث يوجد في تونس 1500 طبيب عاطل عن العمل حسب (إحصائيات 2016). واستقطبت فرنسا لوحدها سنة 2017، 300 طبيب و420 طبيبا في سنة2018 وكذلك نحو بلدان الخليج العربي، وتعدّ تونس أكبر الخاسرين في كل هذا، حيث أن تكلفة تعليم طالب الطب، يكلف البلد ما يقرب من 100 ألف دينار سنويا.