هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    النواب يناقشو مهمة رئاسة الحكومة: مشاريع معطّلة، إصلاح إداري، ومكافحة الفساد    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    شوف وين تتفرّج: الدربي ومواجهات الجولة 14 اليوم    التشكيلات المحتملة للدربي المنتظر اليوم    تعرفش شكون أكثر لاعب سجل حضوره في دربي الترجي والإفريقي؟    سحب وأمطار بالشمال وانخفاض طفيف في الحرارة    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    اختتام الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع": مسرحية "الهاربات" لوفاء الطبوبي تُتوّج بجائزة أفضل عمل متكامل    الأربعاء المقبل / إطلاق تحدّي " تحدّ ذكاءك الاصطناعي" بالمدرسة العليا للتجارة    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    مالي: اختطاف 3 مصريين .. ومطلوب فدية 5 ملايين دولار    تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    الأحد: أمطار رعدية والحرارة في انخفاض    زيادة في ميزانية رئاسة الحكومة    وزارة الصحة: 1638 فحص أسنان: 731 حالة تحتاج متابعة و123 تلميذ تعالجوا فورياً    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    منخفض جوي وحالة عدم استقرار بهذه المناطق    منتدى تونس لتطوير الطب الصيني الإفريقي يومي 21 و22 نوفمبر 2025    إعداد منير الزوابي .. غيابات بالجملة والبدائل جاهزة    الجولة 12 لبطولة النخب لكرة اليد :سبورتينغ المكنين وجمعية الحمامات ابرز مستفيدين    تونس تحتضن ندوة دولية حول التغيرات المناخية والانتقال الطاقي في أكتوبر 2026    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    دعوة الى رؤية بيئية جديدة    رئيس الجمهورية يكلّف المهندس علي بن حمودة بتشكيل فريق لإيجاد حلول عاجلة في قابس    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025: فضية لجميلة بولكباش في سباق 800 متر سباحة حرة    ربع التوانسة بعد الأربعين مهدّدين بتآكل غضروف الركبة!    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    تونس - الصين: 39 طالبا وطالبة يحصلون على "منحة السفير" في معهد كونفوشيوس بجامعة قرطاج    الرابطة الثانية – الجولة 8 (الدفعة الثانية): النتائج والترتيب    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    حريق في مستودع للعطور بتركيا يخلف 6 قتلى و5 مصابين    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    عاجل: من مساء السبت والى الأحد أمطار رعدية غزيرة ورياح تتجاوز 90 كلم/س بهذه المناطق    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    العلم يكشف سر في المقرونة : قداش لازمك تحط ملح ؟    عاجل/ محاولة اغتيال سفيرة إسرائيل بالمكسيك: ايران ترد على اتهامها..    هام/ الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب تنتدب..#خبر_عاجل    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    بايدن يوجه انتقادا حادا لترامب وحاشيته: "لا ملوك في الديمقراطية"    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    أمطار بهذه المناطق خلال الليلة المقبلة    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    عاجل: حدث نادر فالسماء القمر يلتقي بزحل ونبتون قدام عينيك..هذا الموعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصوص منظومة التأمين على المرض ليست بالقُرآن، ومن الأفضل أن تكون البداية على أسس ثابتة
مصافحة: مع الكاتب العام لنقابة أطباء الاختصاص للممارسة الحرة
نشر في الصباح يوم 18 - 02 - 2008

طبيب الاختصاص ماهو بتاجر تفصيل حتى إذا ما خفّض كلفة المعايدة ارتفع عدد الحرفاء
*تونس الاسبوعي: شغل قرب انطلاق المرحلة الثانية في برامج الصندوق الوطني للتأمين على المرض.. شرائح عديدة من المجتمع معنية مباشرة بهذا الامر.. وهي التي ستعرف توسيعا في قائمة الامراض المشمولة بالتغطية الصحية..
وكان الموضوع الذي استأثر اكثر من غيره بالاهتمام عدم اقبال اطباء الاختصاص على الانخراط بالكثافة المطلوبة في هذه المنظومة العلاجية.. حتى ان عدد اطباء الاختصاص المتعاقدين مع «الكنام» لم يتعد في العاصمة حدود 8% مما يطرح اشكاليات كثيرة.. لذلك نستضيف اليوم الدكتور علي جبيرة استاذ الجراحة العامة وكاتب عام نقابة اطباء الاختصاص للممارسة الحرة.. الذي كانت اجابته مغايرة تماما لما تم ترديده.
لن نقبل الانخراط في «الكنام» طالما نقّص لنا %30 من مداخيلنا
أجرة الطبيب لا تتجاوز ال %15 من كلفة العلاج والادوية والتشخيص تلتهم %60 فلو دعّمنا الطبيب فإن الصندوق سيكون الرابح الاول
نأمل من إدارة الصندوق أن تأخذ بعين الاعتبار مقترحاتنا ليكون ذلك خير داعم خلال جلستنا العامة القادمة
* دكتور.. انتم متهمون كأطباء اختصاص.. بعرقلة مشروع مجتمعي انساني سيمكن اخيرا فئات عريضة من الشعب من الانتفاع بالخدمات الطبية الراقية المتوفرة ببلادنا.. وكانوا يكتفون سابقا بمجرد مشاهدتها بالعين وفي القلب مليون حسرة فلماذا تقفون حائلا دون المضي قدما في استكمال خطوات هذا المشروع الوليد.. ولماذا انتم مصرون على اسقاطه في الماء مثلما يقال.. رغم انه جاء لخدمة البلاد والعباد؟!
في البداية أود التأكيد على نقطة هامة جدا جدا.. وهي ان اطباء الاختصاص بالممارسة الحرة ساعون بجدية لانجاح هذا النظام الجديد وبرغبة لا حدود لها.. وهم متحمسون له ومنخرطون فيه قلبا وقالبا.. فلا احد لديه نية صادقة اكثر منا للمضي قدما بهذا المشروع المجتمعي بحكم مهنتنا اولا ثم بحكم دورنا الانساني ثانيا.. والشيء الثابت اليوم اننا كنا سابقا امام وضعية غير مقبولة: خدمات طبية وعلاجية متقدمة ومن ارقى طراز من جهة (وهنا اتحدى من يقول خلاف ذلك).. واغلبية من المواطنين غير قادرين على الانتفاع بها من جهة اخرى.. وللاسف الشديد لا تجني ثمار هذا التطور الطبي ببلادنا.. عدا بعض الفئات القليلة الميسورة.. لانه لم يكن هناك صراحة نظام حقيقي لاسترجاع المصاريف في القطاع الخاص بالنسبة للمتوجهين له من المرضى.. هذا بالاضافة الى انه لم يكن هناك نظام تأمين بالمعنى الصحيح للكلمة.. وهكذا اصبح الوضع كالتالي: طب من ارقى مستوى في العالم متوفر بالبلاد لا يستطيع المواطن الاستفادة منه.. ولذلك نعتبر المشروع الجديد والمقصود هنا «الكنام» جاء لايجاد حل لهذا الاشكال.. كي لا ينعم الاجانب فقط بثمار هذا التطور الطبي الحاصل ببلادنا.. وكانت نقطة التحول باحداث هذا الصندوق.. واغتنم الفرصة هنا لاشكر سيادة رئيس الجمهورية جزيل الشكر على حسن رعايته وعلى نظرته الثاقبة للامور.. وسعيه المحمود لرفع هذه المظلمة.. ولهذا وبناء على ما تقدم لا يمكن ان نكون ضد هذا المشروع لا فقط من حيث المبدأ العام.. فما دام هنالك استرجاع للمصاريف فمن باب المصلحة لا يجوز ان نرفض مشروعا كهذا.. وان ما نصبو له وما نريده حقا هو ان يتمتع المواطن فعلا وبشكل ملموس بهذا المشروع حتى لا يبقى حبرا على ورق.
* اذن ما الذي يعوقكم حاليا على الانخراط فيه.. أو بالاحرى عما تعترضون.. وماهي النقاط التي تثير قلقا لديكم ولا تقبلونها؟!
لم ننخرط لان الصيغة الحالية صعبة نسبيا ولا تستطيع نقابة اطباء الاختصاص ان تقبلها.. فهي حتما قابلة للنقاش ودعني اقول لك امرا: هذا النظام الجديد صعب القبول لا من قبل اطباء الاختصاص بل حتى من قبل المرضى.
اننا ننتظر بشوق اليوم الذي نمضي فيه اتفاقية انضمامنا لهذه المنظومة.. ولكن في اطار تفهم مشاغل الجميع.. كما لا ينبغي ان ننسى ان نصوص هذه المنظومة هي من وضع اشخاص علموا اشياء وقد تكون غابت عنهم اشياء اخرى.. ولذلك هي ليست بالقرآن الكريم الذي لا يجوز مناقشته.. والسؤال هنا هو لماذا لا تكون البداية على اسس ثابتة وصلبة اذا كنا فعلا نروم النجاح لهذا النظام الجديد.. والانطلاقة السليمة وذلك عبر تشريك كل المتدخلين في صياغة تصور جماعي للمشروع وبذلك يتم تجنيد الجميع وراء هدف واحد.. ويصبح الكل بمثابة صمام امان للذهاب به بعيدا.
* أين مواطن الاختلاف تحديدا؟
اولا نؤكد على مبدأ حرية اختيار الطبيب.. ومعلوم ان العلاقة بين المريض والطبيب تحكمها عدة عناصر منها خاصة الكفاءة وعامل الارتياح.. ولا يمكن للمريض ان يزور طبيبا لا تتوفر فيه ومن جهة نظره طبعا.. هذه الخاصيات.. فلماذا اذن تأتي «الكنام» وتفرض على المواطن ضرورة التقيد بالطبيب الذي اختاره اول العام والطبيب المختص الذي يوجهه اليه.. فهو يفقد بموجب ذلك اية حرية للتوجه لطبيب آخر أو طبيب اخصائي لم يوجهه اليه.. وهوما ينجر عنه اذا ما ذهب المواطن لطبيب من اختياره ان يفقد آليا استرجاع مصاريف العلاج.. وبما يتنافى تماما مع فلسفة المباشرة الطبية القائمة على مبدأ الحرية.. وابسط حقوق الانسان المكفولة بدستور البلاد.. وهذا يحصل في ظل صيغة التكفل الثانية.. او ما يسمى بمسار العلاج المنسق.. لقد بلغ المواطن اليوم من الوعي والنضج ما يؤهله للتصرف الرشيد حسب ما تقتضيه حالته ومصلحته.. فلماذا يتم حرمانه من حرية الاختيار وتقييده بقيود لا تحمل اضافة تذكر.. باختصار لابد من المرونة اكثر في مسألة اختيار الطبيب من قبل المضمون الاجتماعي اذا رأى ان من مصلحته ان يتوجه لطبيب الاختصاص الذي يريده.
السبب الثاني يتعلق بالتعريفات او بالاحرى الاتعاب الطبية لاطباء الاختصاص.. نحن نعلم ان الخدمات التي يقدمها الطبيب انسانية بالدرجة الاولى.. وتحمل قيمة كبيرة.. والاجرة التي يتحصل عليها في حد ذاتها.. ليست مقابلا لخلاص بضاعة تم شراؤها.. وانما تعتبر تقديرا لقيمة ذلك العمل الانساني والطبي.. ونحن في بلد يكاد يكون الوحيد في العالم.. أو لنقل من البلدان القلائل التي حددت فيها اتعاب الاطباء بقانون.. وهذا القانون يتجسد في الامر الذي وضع لهاته الاتعاب حدا ادنى وحدا اقصى.. وقد اعطى المشرع لعمادة الاطباء والنقابة التي تجتمع بصفة دورية صلوحية تحديد هاته الاتعاب حسب مستوى المعيشة.. وبعد احداث الصندوق الوطني للتأمين على المرض تم امضاء اتفاقية مع النقابة القديمة حددت فيها اجرة اطباء الاختصاص بالمستوى الادنى للاجرة المعمول به.. اي بنقص يقدر ب 30% من المداخيل.. فمن يقبل اليوم ان تنقص له 30% من مداخيله؟ حتى موظفي «الكنام» انفسهم لا اخالهم يقبلون ذلك
* اولا معلوم 25 دينارا هو التعريفة المعمول بها مع اطباء الاختصاص خارج العاصمة حاليا وبمعزل عن «الكنام» ثانيا لديكم حرفاء من خارج هذه المنظومة وسيستمر تعاملكم معهم حتما.. ثالثا وهو الاهم لماذا لا تنظرون من الزاوية الايجابية للموضوع.. أي أن انخراطكم في هذه المنظومة سيجلب لكم مداخيل اوفر واعدادا اكبر من المرضى مثلما يرى البعض؟
اولا طبيب الاختصاص ليس تاجر تفصيل لانه يقوم بعمل نبيل ويعالج اثمن ما خلق الله، ان ما ذكرته مردود على اصحابه لانه كلام اناس لا علاقة لهم بالطب.. لان الطبيب لابد له من اخذ الوقت الكافي واللازم والضروري مع المريض وذلك يتطلب تركيزا وطاقة بشرية معينة.. واعتماد مثل هذه العقلية يؤدي الى عكس ما نريده وما نتمناه.. أي فقدان المنظومة الصحية لابرز واهم مقوماتها واسس نجاحها.. لنأخذ مثلا العمليات الجراحية.. الطبيب المختص لا يمكنه اجراء اكثر من عمليتين أو ثلاث على اقصى تقدير في اليوم الواحد وليس 50 عملية جراحية. بصريح العبارة وباختزال شديد لابد من تطبيق القوانين السارية بالبلاد التونسية فيما يخص اتعاب اطباء الاختصاص.
* سنعود لموضوع «الكنام» دكتور.. ولكن دعني لا افوت هذه الفرصة لاشير بان ما يعاب عليكم في الاونة الاخيرة.. هو بعدكم عن الدور الانساني النبيل لمهنة الطب التي عُرفت تاريخيا بدورها المحوري والمفصلي سواء في زمن الحرب أو في زمن السلم وبدأت تحيد اكثر نحو غايات اقتصادية.. حتى ان المعاليم اشتعلت وخاصة في العاصمة حيث نجد اطباء اختصاص يقبضون احيانا اكثر من ضعف الاجرة المحددة قانونا؟
من ثوابتنا واهدافنا الدفاع عن مستوى مداخيل الطبيب التي حددها القانون.. ولم نطالب ابدا بأكثر من ذلك كما لم ندافع ابدا عن أي تجاوز لهذا الحد الاقصى.. ولا نطالب بغير تطبيق القانون الساري فقط. في بلد يشجع الكفاءات ويحفزها.. عوض الانقاص من مداخيل فئة تعمل في حدود احترام القانون.. فهل معايدة ما بين 25 و35 دينارا كثيرة على طبيب مختص افنى الشطر الاول من عمره على مقاعد الدراسة في وقت اصبح فيه مطلبنا الرسمي والشعبي الاول هو تحقيق الامتياز في شتى الميادين.. وساهم قطاعنا وبشكل مباشر في جلب المليارات للبلاد وبالعملة الصعبة وبمساهمة رئيسية من اطباء الاختصاص.
* لا تنس ايضا انكم تعلمتم باموال المجموعة الوطنية.. وتمرستم على مهنة الطب على اجساد ابناء هذا الوطن حتى لا اقول اكثر.. فلماذا لا تردون الجميل وتكون المعاليم في مستوى التضحيات التي تكبدها الناس حتى بلغتم ما انتم عليه اليوم من تمرس وخبرة ودراية وعلو كعب؟
أنا اتساءل : هل ان حرفاء القطاع الصحي الخاص اليوم كلهم من الميسورين؟ قطعا لا.. لان معظمهم من الطبقة الوسطى.. واذا كانوا يقبلون على اجراء العمليات المعقدة لدى الخواص رغم تكلفتها المرتفعة فلابد ان هناك امرا ما يحدث.. والسر في ذلك يعود لتفهم جل المتدخلين بالمنظومة الصحية الخاصة لامكانيات هؤلاء الحرفاء.. عبر التنسيق بين كل الاطراف ومن خلال تضحية الاطباء بنسب متفاوتة وهامة من التعريفات.. ما يجعل المقابل الاجمالي للعملية الجراحية معقولا وفي متناول الحريف.. نعم نحن نقوم من تلقاء انفسنا بهذه المفاضلة بين الحرفاء الاغنياء منهم الفقراء واذا ما كان المرضى يتوجهون للقطاع الخاص فلأن هناك جهدا واضحا من الاطباء واصحاب المصحات للقيام بعمل انساني لجعل تكلفة الخدمات العلاجية بالقطاع معقولة وفي متناول المواطن.
* اذا كانت بهاته الكيفية فماهو اساس الخلاف؟
يجب ان نفهم لماذا الخلاف؟ واين تذهب اجرة الطبيب المختص؟
اولا تأتي الجوانب المعيشية وثانيا فان الامكانيات الطبية وبالاضافة للكفاءة لابد لها من تجهيزات طبية متطورة.. فعندما نأخذ طبيب العيون اليوم لابد ان يتزود بمعدات حديثة جدا ومكلفة حتى يواكب المستجدات فنحن نريد من نظام التأمين على المرض ان يسمح بالولوج الى طب في مستوى عال.. لان مستوى الطب يتطلب من الطبيب اليوم ان تكون معداته في ارفع وفي احسن حالاتها ومستوياتها.. وعندما يقترض من البنك من سيسدد له قرضه اذا انقصنا له 30% من مداخيله.. في نهاية الامر المريض هو الذي سيدفع الثمن ويخرج الخاسر الاكبر اذا لم تتوفر للطبيب المعدات الضرورية.
ثالثا التعلم في ميدان الطب مسألة لا تنتهي.. فلابد من الدراسة المتواصلة وارتياد المؤتمرات الطبية.. فالتكوين الطبي مستمر دائما للاطلاع على آخر الدراسات وهذا يتكلف علينا بآلاف الدنانير.. وعندما تنقص معارف الطبيب بحكم توقفه وتطور المجال من حوله.. هل مازال سيواكب المستجدات بمداخيل اقل.. ومن سيدفع ثمن هذا طبعا المريض والمنظومة الطبية بوجه عام.. ان الطبيب مجبر اخلاقيا ومهنيا على العلاج يوميا حسب علم الطب المعتمد في تلك اللحظة والا بامكان المريض ان يشكوه.
* إذن كيف السبيل في ظل كل هذه المعطيات؟
- اذا كان هنالك شخص في هذه البلاد يهتم أكثر من غيره لأمر هذا الصندوق فهم حتما الاطباء المختصون وهم قادرون فعلا على إنجاحه ان توفرت روح الشراكة الحقة لان افلاس هذا الصندوق هو سقوط لمشروع مجتمعي متميز.. وسأقول لك كيف يمكننا ذلك.
* كيف ذلك؟
- معلوم أن تكلفة المداواة عندما نقوم بقسمتها تكون كمايلي: من 10% الى 15% أجرة أطباء.. وبين 50 و60% معاليم أدوية وتشخيص.. والباقي أي ما بين 25% و35% يعود للاستشفاء.. ما العمل هنا؟ ينبغي أن يكون الاقتصاد والتقشف على مستوى النسبة الارفع من الكلفة وهي الجانب الثاني(أدوية وتشخيص).. ومن يستطيع إفادة «الكنام» هنا غير الاطباء لأن الدور الاساسي منوط بعهدة اطباء الاختصاص.. فالطبيب المختص الذي يدخل المنظومة وهو مقتنع بها يستطيع إفادة الصندوق.. أي عندما يتم مثلا التخفيض بنسبة العشر (1 / 10) من كلفة الأدوية والتشخيص يمكن أن نعتبر حينها أن الاطباء قد عملوا مجانا.. إذن نجاح وديمومة منظومة التغطية الصحية بالصندوق الوطني للتأمين على المرض بيد الاطباء عبر شراكة فاعلة للضغط على تكاليف الادوية وذلك بالتعاون بين «الكنام» والجمعيات العلمية.
* ولكن هذا لا يمنعنا من سؤالك.. لماذا يحول هياكل نقابي بناء على قناعات خاصة به دون انخراط بقية منظوريه في هذه المنظومة رغم رغبتهم في الدخول ضمن هذا المشروع؟
- نحن لا نريد الحط من مستوى الطب في بلادنا لأن ما نريده ونسعى اليه هو الحفاظ على المكاسب التي تحققت في هذا المجال مع الحرص على مزيد تطويرها.
* كلمة النهاية؟
- في النهاية أريد التأكيد على ان نجاح وضمان ديمومة «الكنام» يمر حتما باحترام العناصر والثوابت الثلاثة التالية: احترام حرية اختيار الطبيب واحترام الاتعاب الطبية المحددة بقانون وتحديد تكلفة العلاج بالشراكة مع الاطباء والجمعيات العلمية.. وهذه العناصر ستسمح بانتفاع المواطن بصفة كاملة وشاملة بالمنظومة لسببين: أولا، لأنه سيبقى متمتعا بعلاج في أرقى مستوى علمي دون الحط من مستوى العلاج وبتكلفة معقولة تجعل نسبة استرجاع المصاريف من الصندوق مرضية ومقبولة.. وهذا ما ستربحه فعلا منظومة التأمين على المرض وأعتقد أن الغاية الفضلى والمردودية الحقيقية لهذه المنظومة لن تحصل الا بوجود علاج راق بتكلفة معقولة مع الحفاظ على المستوى العلمي المتميز الذي بلغناه وفي الاخير أريد توجيه نداء للمسؤولين عن نظام التأمين على المرض الى الاخذ بعين الاعتبار وفي اقرب وقت ممكن بهذه المقترحات.. مثلما تم وعدنا بذلك حتى يتسنى لنا إيجاد حل مرضي للوضعية الحالية التي تشغل بال الجميع.. حتى يكون ذلك خير داعم لنا في جلستنا العامة الخارقة للعادة يوم 2 مارس المقبل.. لتيسير انخراط وانضمام الجميع لهذه المنظومة.

للتعليق على هذا الموضوع:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.