يوافق اليوم 23 جانفي الذكرى 174 لإلغاء العبودية، وقد أصدر أحمد باشا باي أمرا بتاريخ 23 جانفي 1846 تعلق بإلغاء الرق. وألغيت العبودية في تونس على 3 مراحل، كان أولها إصدار أحمد باي في 6 سبتمبر 1841 أمرًا يقضي بمنع الاتجار بالرقيق أو استيرادهم أو بيعهم في أسواق تونس، كما أمر بهدم الدكاكين التي كان يباع فيها العبيد. أما المرحلة الثانية فقد كانت بإصدار باي تونس أمرًا، في 1842، يعتبر كل من يولد بالتراب التونسي حرًا لا يباع ولا يشترى. وأخيرًا أصدر أمرًا مكتوبًا، في 23 جانفي 1846، يقضي بتحرير جميع العبيد في المملكة وإبطال العبودية نهائيًا، وبذلك كانت تونس أول بلد يلغي الرق رسميًا وكان هذا القرار من أهم الإصلاحات الاجتماعية في عهد ملك تونس أحمد باي بن مصطفى بين 1837 و1855. وعلى الرغم من أن تونس كانت سباقة في الغاء العبودية، فإن العبودية أخذت أبعادا أخرى وأشكالا حديثة تتجلّى في الاتجار بالبشر والاستغلال الاقتصادي والجنسي واستغلال الأجانب وغيره من الصيغ الأخرى. وقد أفادت رئيسة الهيئة التونسية لمكافحة الاتجار بالبشر روضة العبيدي بأن لدى الهيئة اكثر من 742 ملفًا تتعلق بالاتجار بالبشر في تونس، لا سيما الاستغلال الاقتصادي للأطفال، والاستغلال الجنسي للنساء، إضافة لملفات استغلال الأفارقة على الأرض التونسية، حيث يوجد ما يقارب 100 أجنبي يعانون من الاستغلال الاقتصادي. كما أن بعض التونسيون يعانون الى اليوم من أثر العبودية، ففي بعض المناطق كجربة وجرجيس وقابس لا يزال المنحدرون من عائلات كانت مستعبدة يحملون لقب “عتيق فلان”، نظرا لأن أجدادهم تحصلوا على ألقاب العائلات التي حررتهم مسبوقة بلفظ “عتيق”. وجاء في الأمر المتعلق بإلغاء الرق النص التالي: إلى علماء مشايخ ومفتيي تونس يتضمّن إعلامهم بإلغاء الرق وعتق العبيد الحمد لله حفظهم لله تعالى ورعاكم ونور هداكم الفضلاء الأعيان الأخيار العلماء الكمل هداة الأمة ومصابيح العلي أحبابنا الشيخ سي محمد بيرم شيخ الإسلام والشيخ سي إبراهيم الرياحي باش مفتي المالكية والمفتيين الشيخ سي محمد بن الخوجة والشيخ سي محمد بن سلامة والشيخ سي أحمد اللابي والشيخ سي محمد المحجوب والشيخ سي حسين البارودي والشيخ سي الشاذلي بن المؤدب والشيخ سي علي الدرويش والشيخ سي محمد الخضار والقضاة الشيخ سي محمود بن باكير والشيخ سي محمد البنا والشيخ سي محمد النيفر بباردو والشيخ سي فرج التميمي بالمحلة، أكرمهم الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد، فإنّه ثبت عندنا ثبوتا لا ريب فيه أن غالب أهل أيالتنا في هذا العصر لا يحسن ملكية هؤلاء السودان الذين لا يقدرون علي شيء علي ما في أصل صحة ملكهم من الكلام بين العلماء إذ لم يثبت وجهه وقد أشرق بنظرهم صبح الإيمان منذ أزمان وأن من يملك أخاه علي المنهج الشرعي الذي أوصى به سيد المرسلين آخر عهده بالدّنيا وأول عهده بالآخرة حتّى أن من شريعته التي أتى بها رحمة العالمين عتق العبد علي سيده بالإضرار وتشوف الشارع إلى الحرية فاقتضى نظرنا والحالة هذه رفقا بأولئك المساكين في دنياهم وبمالكيهم في أخراهم أن نمنع الناس من هذا المباح المختلف فيه والحالة هذه خشية وقوعهم في المحرّم المحقق المجمع عليه وصد إضرارهم بإخوانهم الذين جعلهم الله تحت أيديهم وعندنا في ذلك مصلحة سياسية منها عدم إلجائهم إلى حرم ولاة غير ملتهم فعينا عدولا بسيدي محرز وسيدي منصور والزاوية البكرية يكتبون لكل من أتى مستجيرا حجة في حكمنا له بالعتق علي سيده وترفع إلينا لنختمها. وأنتم حرسكم الله إذا أتى لأحدكم المملوك مستجيرا من سيده واتصلت بكم نازلة في ملك علي عبد وجهوا العبد إلينا وحذار من أن يتمكن له مالكه لأن حرمكم يأوي من التجأ إليه في فك رقبته من ملك ترجح عدم صحته ولا نحكم به لمدعيه في هذا العصر واجتناب المباح خشية الوقوع في المحرّم من الشريعة لاسيما إذا انضم لذلك أمر اقتضته المصلحة فيلزم حمل الناس عليه والله يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كريما. والسلام من الفقير إلى ربه تعالى عبد المشير أحمد باشا باي وفقه الله تعالى آمين. كتب في 23 جانفي 1846