تشير الإحصائيات إلى أن العنف الجسدي والمعنوي الموجه ضد المرأة في تونس ارتفع بشكل لافت خاصة خلال فترة الحجر الصحي ، ما دفع عددا من مكونات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية إلى إطلاق تحذيرات من هذه الموجة. ورغم ترسانة القوانين والتشريعات وتجنّد المنظمات التونسية والنسائية للدفاع عن حقوق المرأة في تونس، إلا أن الأرقام والإحصائيات التي تشير إلى ارتفاع نسبة العنف المسلط على المرأة ما فتئت تزداد ضاربة عرض الحائط بكل المبادرات الحقوقية والنصوص القانونية التي تسعى للحد من استفحال هذه الظاهرة. ولم يمْنع صدور قانون مناهضة العنف ضدّ المرأة من تصاعد وتيرة الاعتداءات عليها إذ تضاعفت حالات الاعتداء على النساء 9 مرات خلال أزمة كورونا، وتزامنا مع اقرار الحجر الصحي الشامل الذي فرض مكوث الرجل مع المرأة في مكان واحد، أين كانت الظاهرة الصادمة. وكشفت صحيفة "لوموند" الفرنسية تضاعف عدد الاعتداءات على النساء منذ إقرار الحجر الصحي العام وحظر التجول ب 9 مرات خلال الأسبوع الأخير من شهر أفريل الماضي، مثلما تدل على ذلك أرقام جمعيات المجتمع المدني والاتصالات بالرقم الأخضر التابع لوزارة المرأة. وأكدت “لوموند” أن أغلب النساء الضحايا التحقن بمركز لإيواء النساء ضحايا العنف الاسري او الزوجي خلال الأسابيع الأخيرة مرفوقات بممثل عن وزارة الداخلية بعد اتصالهن برقم أخضر أو بإحدى جمعيات المجتمع المدني أو الوحدات المتخصصة في مكافحة العنف ضد النساء. ونقل المصدر عن سلوى كنّو رئيسة جمعية النساء التونسيات لأبحاث التنمية قولها “كان يجب مواجهة تنامي العنف ضد النساء خلال انتشار جائحة كورونا لأنه لا يمكن للضحايا الالتحاق بمراكز الحجر الصحي لما في ذلك من احتمال نقل العدوى لنساء أخريات متواجدات بالمراكز”. وأشارت الصحيفة الى أن المركز جُهّز خصيصا للعزل والحجر بدعم مالي من صندوق الأممالمتحدة للسكان يقدر ب7 آلاف دولار أي ما يناهز 18 ألف دينار تونسية وإلى أنه تم توفير ما يلزم "لتشجيع النساء على الالتزام بالعزل وعدم استقبال الزوار رغم تجاور الغرف"، على حدّ تعبير ريم فيالة ممثلة الصندوق المذكور بتونس. وكان تقرير صادر عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قد كشف أن خارطة العنف في تونس قد تغيرت خلال شهر مارس الماضي، بسبب الأوضاع الصحية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية في البلاد جراء انتشار فيروس كورونا المستجد وإقرار الحجر الصحي الشامل. التقرير دعّم أيضا ما جاء على لسان وزيرة المرأة من تزايد حجم العنف ضد النساء خلال هذه الفترة، مؤكدا انتقال العنف خلال الفترة الأخيرة من شهر مارس من الفضاءات العامة إلى الخاصة وداخل الأسرة. وأوضح التقرير أن مواقع التواصل الاجتماعي ولا سيما “فايسبوك” تحولت إلى مسرح رئيسي للعنف وردات الفعل العنيفة ضد النساء منذ انطلاق الحجر الصحي الشامل. كما أبرز أن العنف في تونس مازال ذكوريا بامتياز، إذ ارتكب الذكور نسبة 88 في المائة من أعمال العنف في حين أن نسبة العنف المختلط لا تتجاوز 9 في المائة وبلغ العنف الجماعي 52 في المائة والعنف الفردي 48 في المائة. وتصدر إقليم تونس الكبرى وفق للدراسة ذاتها قائمة المناطق الأكثر تسجيلا للعنف بنسبة 34.5 في المائة من مجموع حالات العنف المرصودة، تليها ولاية سوسة بنسبة 15 بالمائة.