أخبار تونس – شهد فضاء المسرح البلدي يوم الجمعة في سهرة رمضانية بتونس العاصمة عرضا متميزا حمل عنوان “باريس النائمة”، وهو توليفة فريدة بين الموسيقى والسينما الصامتة، وذلك في اطار الدورة 27 ل”مهرجان المدينة” بتونس. ويستحضر عرض “باريس النائمة” قبسات من أجواء العاصمة الفرنسية في العشرينات في أبهى تمظهراتها الفنية، من خلال بث الشريط الصامت “باريس النائمة” للمخرج روني كلار على الشاشة مع مصاحبة موسيقية على الخشبة لفرقة متكونة من الثلاثي: ايزابيل بولان (البيانو) وسيلفي لورغو (الكمان الجهير) وسابين جيهانو (الناي الهارموني). والشريط الصامت “باريس النائمة” هو من النوع القصير مدة عرضه 36 دقيقة تم تصويره سنة 1923 بمدينة باريس في العشرينات وتنطلق أحداثه من فوق برج ايفيل الشهير، عندما يلاحظ الحارس الليلي للبرج انعدام الحركة في شوارعها وخلوها الفجئي من أدنى علامة تدل على الحياة، بل صار كل ما فيها جامدا ومحنطا بلا حراك. وتحاول الفرقة الموسيقية المصاحبة ان تجاري حركة أحداث الشريط، منغمة الشريط بالموسيقى التصويرية وبالمؤثرات الصوتية، تدعيما للحوار المكتوب الذي يظهر من حين الى آخر لتفسير تطور الاحداث ولابراز أحاسيس الشخصيات. فحارس الليل عندما ينزل من أعلى برج ايفيل يصادفه مجموعة من الوافدين الجدد على باريس نزلوا للتو من الطائرة وهم خماسي سلم من الموت الذي حل بأحياء باريس المليئة بالحيوية في العادة. يحاول الناجون من لعنة الجمود والثبات استجلاء ما حل بعاصمة الانوار باريس فقادتهم مشاعرهم الجياشة الى ان يكتشفوا بعد عناء وبحث طويل أنه هنالك ضوء غريب وشيطاني ينبعث من آلة مجهولة بأحد البيوت يحركها عالم يشتغل في مخبره ويعبث بحياة اهل باريس كما شاء. أما الاشعة المسحورة فلا تصيب الا البشر على سطح الارض وينجو من كان معلقا في السماء، مما جعل حارس برج ايفيل والطيارين الخمسة ينجون من “لعنة التحنيط”. وتكشف هذه الفكرة الطريفة سعة خيال المخرج ونبوغ جيل الفنانين والادباء والعلماء الذين عاشوا في العشرينات بباريس وولدوا تيارات ثقافية جديدة تدفع الانسان الى الحلم والتصور الخارق. كما يظهر العرض درجة التطور التي بلغها الفن السابع في العشرينات من القرن الماضي وكذلك فن الموسيقى وهو ما جاء في المقطوعات المقدمة من طرف الفرقة مثل المعزوفات الخالدة للموسيقيين الكلاسيكيين من قبيل موريس رافيل وغابريال فورى وكلود ديبوسي. واختتم عرض “باريس النائمة” بمقطوعة موسيقية مستوحاة من قصيدة شهيرة لفكتور هيغو تستبطن المعاني المشتركة بين عذوبة الشعر والقدرة على الخيال المجنح. وعقب العرض أدلت قائدة الفرقة الموسيقية ايزابيل بولان ل”أخبار تونس” بتصريح خاص شرحت فيه الأهمية الوثائقية للشريط مبرزة دور الفرقة الموسيقية في تنغيم احداث الشريط واعطائه روحا جديدة. وقالت ايزابيل بولان إن الفرقة الموسيقية التي تديرها تقدم لأول مرة عرضا في مدينة عربية وصادف أن يكون ذلك في شهر رمضان مما أضفى على العرض مسحة خاصة. وأضافت ايزابيل بولان قائلة ان الفرقة حصلت لها تجربة هامة وثرية مما يجعلها تأمل في زيارة تونس مرة ثانيا كأن يقدم عرض خاص للأطفال لا سيما ان الشريط معد في الاصل الى الناشئة والى الاجيال الصاعدة. (تابع بقية الحوار باللغة الفرنسية في الفيديو)