أخبار تونس - يعتبر الاحتفال باليوم العالمي لمحو الأمية في الثامن من سبتمبر لكل سنة من مقومات الوعي الحضاري في تونس بمزايا امتلاك العلوم والمعارف على أوسع نطاق. حيث مثل البرنامج الوطني لتعليم الكبار منذ إحداثه سنة 2000 آلية لتنفيذ مشروع الرئيس زين العابدين بن علي في مجال إرساء مجتمع المعرفة وضمان حق التعلم مدى الحياة. ويتيح احتفال تونس سنويا بهذا اليوم مناسبة للوقوف على ما حققه البرنامج إذ أمكن بفضل تضافر جهود مختلف الأطراف الاجتماعية خلال الفترة 2000-2009 تحرير 552601 دارس من الأمية من بينهم 434640 فتيات أي 78.7% و284260 في الوسط الريفي أي بنسبة 51.4%. كما تمكن البرنامج خلال نفس الفترة من وضع منهج إدماجي يلبي حاجات التعلم الأساسية لدى اليافعين والكبار يشمل الآليات القرائية والتواصلية والتدريب على المهارات. ويعد هذا الاحتفال موعدا لتكريم الدارسين المتفوقين والمنظمات والجمعيات المساندة للبرنامج الوطني لتعليم الكبار وتشخيص مساره الراهن والمستقبلي لمزيد تطوير أدائه ومردوديته وتفعيل مساهمته كآلية لتعزيز الاندماج الاجتماعي والاقتصادي للمتعلمين. وقد اختارت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة في احتفالها هذه السنة محور “محو الأمية وتمكين الأفراد” مع التأكيد على أهمية المواطنة والتنمية وإعطاء الأولوية لفئة الشباب. وهذا الاختيار سبق لتونس اعتماده بفضل رؤية استشرافية في مجال تعليم الكبار ومحو الأمية يقوم على مبدأ التعلم للجميع باعتباره رافدا للتنمية بمختلف أبعادها وتكريس ثقافة المواطنة وإشاعتها على أوسع نطاق باعتماد مناهج تعليمية تبرز قيمة العمل كمصدر لتحسين نوعية حياة الأفراد. وقد وضع الرئيس زين العابدين بن على لتونس أهدافا عملية في مقدمتها النزول بمعدل الأمية إلى حدود 10 % مع نهاية العام الدراسي 2009 / 2010 وتركيز الجهود على تمكين الأفراد دون الثلاثين سنة من حد ادني من التعلّم والتقليص من نسبة الأمية في صفوفهم إلى اقل من 1 % مع نهاية 2009 فضلا عن توجيه البرنامج نحو الفئات والجهات ذات الأولوية. وشهدت الصيغ والوسائل التعليمية في هذا الصدد تنوعا ملحوظا تمثل في إدراج تعلم استخدام الحاسوب وإنتاج دروس تلفزية في التواصل الاجتماعي تشجع على المشاركة بأكثر فاعلية في مختلف جوانب الحياة العملية. كما تم إنتاج كتب مطالعة لفائدة محدودي القدرات القرائية وإصدار ملحق شهري بجريدتي “العقد” و”الحرية” لترسيخ مكتسبات الدارس ومساعدته على الانتقال إلى مرحلة التعلم الذاتي. ويشار إلى أن العمل الجمعياتي في مجال تعليم الكبار يعد متقدما حيث توجد 26جمعية جهوية و 26 جمعية محلية إلى جانب الفروع التي يناهز عددها 150 فرعا. ويذكر أن الاتحاد الوطني للمرأة التونسية يساهم في إنجاح البرنامج الوطني لتعليم الكبار إذ بادر منذ سنة 2007 في بعث رابطات جهوية لتعليم الكبار مكنت من استقطاب 23078دارسة فضلا عن تنظيم مصيف وطني لفائدة الدارسات يتضمن التدريب في مجال الإعلامية وحلقات حوار حول التثقيف الاجتماعي. وتنتفع الدارسات كذلك في مراكز تعليم الكبار التابعة للاتحاد والبالغ عددها 457مركزا بمساعدات اجتماعية وبقروض صغرى إلى جانب برامج في التكوين والإعلامية. وقد اعتمدت عديد المنظمات والمؤسسات العاملة في مجال التنمية البشرية على غرار الالكسو واليونيسيف واليونسكو التجربة التونسية نموذجا بحكم توفقها في وضع منظومة لمحو الأمية تعمل على إدماج المتعلمين من الكبار ضمن الحياة العامة وتغيير مسالك حياتهم بمجرد التخلص من الأمية.