أخبار تونس فضلا عن سعي السياسية التنموية الاقتصادية إلى بناء اقتصاد يتخذ مرتكزا له التكنولوجيا الرفيعة و الصديقة للبيئة و المقتصدة للطاقة، فهي تسعى أيضا إلى إتباع سياسة مصرفية دقيقة في خدماتها وتعزز مكانة تونس و تجعلها ساحة مالية إقليمية و في هذا الصدد أعلن الرئيس زين العابدين بن علي في برنامجه الانتخابي يوم 11 أكتوبر عن مجموعة من النقاط الهامة للخماسية القادمة. إذ لغاية إقامة أسس مالية متينة و لتطوير الخدمات المصرفية حتى تكون في مستوى المعايير العالمية أكد الرئيس بن علي على أنه سيتم خلال المرحلة القادمة الترفيع في رأس المال الأدنى للبنوك على أن لا يقل عن 100 مليون، كما سيتم النزول بنسبة الديون المصنفة من 15 بالمائة سنة 2008 إلى ما دون 7 بالمائة سنة 2014. و ستتجه العناية أيضا إلى النظر في نوعية الخدمات البنكية و ذلك قصد الرفع في جودتها و قصد إرساء منظومة بنكية نشيطة تخدم التنمية. و لغاية تحقيق الجودة في الخدمات المصرفية سيتم وضع ميثاق لجودة العمليات المصرفية، و ستعمم خدمات البنك عن بعد و ستدخل الخدمات البنكية في مرحلة متقدمة من النقديات الالكترونية، هذا بالإضافة إلى تحسين قدرات البنوك على تقويم المشاريع خاصة في القطاعات الواعدة و إحكام إدارة المخاطر. و من النقاط الهامة الأخرى التي ستعمل المرحلة القادمة على تنفيذها هي محاولة استقطاب مؤسسات بنكية ذات صيت عالمي بحيث يكون المرفأ المالي فرصة جديدة للنشاط المصرفي غير المقيم حتى يتم دعم قطب الخدمات المصرفية و الساحة المالية الإقليمية التي يريدها الرئيس بن علي أن تتحقق للبلاد. و دوما في إطار السعي إلى جعل تونس قطبا للخدمات المصرفية، سيتم العمل على تطوير المهن المصرفية المستجدة و ذلك من خلال تحقيق حضور أكبر للبنوك التونسية في الساحة الإقليمية و الدولية. و تعتبر تونس من البلدان التي قطعت أشواطا هامة في تحرير الدينار، إذ أصبحت جل العمليات المالية المرتبطة بنشاط المؤسسة التونسية مع الخارج محررة. كما عرفت السياسات النقدية تطورا و اكتسب الاقتصاد الوطني قدرات أكبر للتفاعل مع الأوضاع الخارجية، و كل ذلك أفرز تحديات جديدة و ساهم في إرساء مخطط جديد سيسعى خاصة في أفق المرحلة القادمة و قبل موفى 2014 على التحرير الكامل للدينار و ذلك من خلال مراجعة مجلة الصرف لتواكب هذا التطور. كما تتجه العناية إلى بلوغ مساهمة الخدمات المصرفية في الناتج الداخلي الخام نسبة 5 بالمائة مع موفى 2014 مقابل 3 بالمائة حاليا. إما إعادة رسم الخريطة المصرفية و التي تعتبر من أبرز تحديات المرحلة القادمة فتتمثل في إحداث قطب بنكي عمومي ” تونس القابضة” و ذلك سيكون في شكل شركة مالية تضم كل البنوك العمومية و تضبط إستراتيجية متكاملة لتدخلها في تمويل الاقتصاد و سيتم ذلك بالتوازي مع تشجيع البنوك الخاصة على النسج على نفس المنوال. كما أن سيشع في أفق البرنامج المصرفي للمرحلة الاستشرافية القادمة قطب مالي متخصص في تمويل المؤسسات الصغرى و المتوسطة في شكل شركة قابضة/Holding، ستعمل هذه الشركة على توفير خدمات التمويل و الضمان و الاستشارة و فضلا عن أهمية الخدمات التي سيوفرها هذا القطب، سيضم بنك تمويل المؤسسات الصغرى و المتوسطة و الشركة التونسية للضمان و هي مؤسسات مالية هامة من شأنها أن تدعم أكثر الخدمات المصرفية. و قد تبينت خلال العشريتين المنقضيتين أهمية الخدمات التي قدمها البنك التونسي للتضامن الذي دعم خطوات الشبان أصحاب الشهائد العليا و أدمجهم في المنظومة الاقتصادية كأشخاص نشيطين قادرين على دفع مسار التنمية عبر إحداث المزيد من مواطن الشغل ورفع مردودية الاقتصاد التونسي. و نظرا لأهمية هذا القطب المصرفي وردت في البرنامج الانتخابي للرئيس بن علي مجموعة من الإجراءات للخماسية القادمة تتمثل في توسيع تدخلات البنك التونسي للتضامن لتشمل تطوير الادخار الاستثماري و بالتالي ستمكن العائلات التونسية من توفير التمويل الذاتي المطلوب لبعث مشاريع صغرى لفائدة أبنائهم بعد إتمام تكوينهم. كما سيتم و دائما في إطار توسيع صلاحيات البنك التونسي للتضامن إسناد قروض استثنائية لفائدة حرفاء البنك أو الأجراء ذوي الدخل المحدود لتركيز تجهيزات اقتصاد في الطاقة. و من المكاسب الهامة الأخرى التي سترى النور في المرحلة القادمة، العمل على تطوير السوق المالية و دعم دورها في تمويل المؤسسة الاقتصادية و ذلك بتعزيز الشفافية و التصرف الرشيد. و هذا المكسب الأخير لن يتحقق إلا بالتشجيع على إدراج 30 مؤسسة إضافية على الأقل بالبورصة، كما سيتم أيضا تقنين نشاط وكالات الترقيم و صيغ تدخلها و سيكتسي تأطير عمليات الاستشارة المالية و تحديد ضوابطها أهمية كبرى هذا فضلا عن تعزيز الشفافية في التدخلات في البورصة. و من الإنجازات الرائدة الأخرى و لفائدة الخماسية القادمة 2009/2014، نذكر ” مصرف تونس الخارجي” الذي يتمثل في مؤسسة بنكية جديدة بالمواصفات الأوروبية مفتوحة في أهم العواصم و الأسواق الأوروبية. و يأتي هذا البرنامج الأخير في إطار دعم الخدمات المصرفية و جعل تونس ساحة إقليمية مهمة في المنظومة الاقتصادية العالمية. و الاهتمام بالخدمات المصرفية على المستوى المحلي و الدولي يبين تلازم النمو الاقتصادي و القطاع البنكي النشيط باعتباره أحد سبل دعم التنمية و لا سيما إذا تعلق الأمر بجلب الاستثمار و تدعيم مكانة هذا القطب الإفريقي إقليميا و تحقيق نجاعة الاقتصاد الوطني في محيطه الخارجي. و تونس من الأقطاب التي تدعم التفتح على المحيط الخارجي في مختلف المجالات و لذلك تأتي خططها الوطنية ذات صبغة شمولية و استشرافية دقيقة لا يمكن للتونسي إلا أن يثمنها و يؤمن بسعي قائد التغيير فيها زين العابدين بن علي و باني عرى الدولة الحديثة المستمر إلى دعم مكانة تونس و مضاعفة مكاسبها في المحافل الدولية.