أخبار تونس – يعدّ شريط “سيرافين” الفرنسي الذي عرض مساء يوم الثلاثاء 8 ديسمبر بقاعة “البرناص” بوسط تونس العاصمة واحدا من سلسلة الأشرطة السينمائية المميزة التي يتواصل عرضها -بمناسبة الدورة 16 لأيام السينما الأوروبية إلى غاية يوم 18 ديسمبر 2009 – في العديد من المدن التونسية كجندوبة والقيروان وصفاقس والمهدية وقابس وسوسة. ويطرح شريط “سيرافين” للمخرج الفرنسي مارتان بروفوست تفاصيل قصة مشوقة ومثيرة انطلقت أحداثها سنة 1913 للخادمة “سيرافين” وهي تقسم وقتها جاهدة بين هوايتها المفضلة لرسم اللوحات الفنية وخدمة بيوت بعض الوجهاء. ولم يكن يخطر ببال جامع اللوحات الثمينة الألماني “ويهالم أوهد” أن معينته المنزلية “سيرافين” ذات 48 سنة فنانة تشكيلية بارعة بعد أن عثر على إحدى لوحاتها في مجلس حميم لأصدقائه الفنانين التشكيليين فاقتناها ومنذ ذلك الوقت غيّر السيد ويهالم معاملته مع خادمته وفاتحها في شأن موهبتها المتطورة في الرسم واقترح عليها عرض أعمالها في أحد الأروقة الباريسية. وطيلة 125 دقيقة يستغرقها الشريط يسلط المخرج عدسته على البطلة “سيرافين” التي تعيش متوحدة تتفنن في إعداد الأطباق الشهية والمشروبات الروحية بطريقة تقليدية مثلما تتفنن في تحضير الأصباغ والألوان وترسم على القماش واللوح ومختلف المحاميل. ويقلب حضور “سيرافين” الدائم في أطوار الشريط القناعات السائدة بأن الفن والإبداع حكر على المتعلمين والأثرياء والنبلاء خاصة وأن هذه الخادمة كانت تعمل في بيوتات الوجهاء والكتاب والفنانين التشكيليين فتصبح هي محل الإهتمام والأنظار. ويعكس المخرج وجهة نظره الخاصة في الفن والحياة إذ يكثف من التقاط مناظر لسيرافين وهي تتجول وحيدة في الجبال والارياف وسط الحقول المخضرة تستلهم ابداعاتها التشكيلية وتقضي وقتا طويلا في محادثة الاشجار والحيوانت والحشرات كما تعبر عن ذلك في أحد حواراتها مع أبطال الشريط. وشريط سيرافين مقتبس من قصة حقيقية للسيدة سيرافين سانليس (1864 – 1942) كانت خادمة وبرعت في الفن التشكيلي لكن فنها لم يمنعها من دخول مستشفى الامراض العقلية حيث توفيت هناك ولقد أصدر الكاتب آلان فيركوندولاي سنة 1986 عن دار ألبان ميشال السيرة الذاتية لهذه الشخصية التاريخية الفذة بعنوان “سيرافين من الفن التشكيلي إلى الجنون”.