تطرق السيد عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة علي التراث في الحوار الذي بثته قناة تونس 7 والإذاعة الوطنية مساء يوم الثلاثاء إلى المكانة الإستراتيجية التي يحتلها القطاع الثقافي في تونس وواقع وأفاق الإنتاج المسرحي والسينمائي والإجراءات المتخذة لدعم الاستثمار الخاص في الثقافة إضافة إلى تفعيل السياحة الثقافية، وحماية التراث، والاهتمام بمختلف الفنون والتعابير الثقافية ، بما يساهم في إشعاع تونس ، بوصفها منارة ثقافية على الدوام. و أشار المشاركون في الحوار إلى العناية الكبيرة التي يحظي بها القطاع الثقافي منذ التحول، الأمر الذي جعل من الثقافة سندا للتغيير. كما أثاروا عدة تساؤلات حول دعم الإنتاج الثقافي، وسبل تطويره كما وكيفا، في مجالات المسرح والسينما والفنون التشكيلية و مزيد تفعيل الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص. الثقافة سند للتغيير وأكد السيد عبد الرؤوف الباسطي في تدخله أن القطاع الثقافي يمر بمرحلة مفصلية سمتها الأساسية تطبيق ما تضمنه البرنامج الرئاسي “معا لرفع التحديات” والذي خصص النقطة 18 للثقافة تحت عنوان “تونس منارة ثقافية على الدوام” وهو برنامج يرمي إلى إتاحة الفرصة للجميع للمشاركة في الحياة الثقافية، والنهوض بالإبداع الوطني وجعله قادرا على المنافسة والإشعاع والسعي إلى جعل الثقافة قطاعا منتجا يساهم في خلق الثروة و مواطن الشغل، وهو طموح مشروع لأنه يستند إلى أرضية من المكاسب، ولسياسة ثقافية بدأت منذ التغيير. وبعد أن عدد الوزير الانجازات والمكاسب والتشريعات التي تحققت لفائدة القطاع الثقافي في تونس منذ تحول السابع من نوفمبر والتي بوأت المثقف مكانة الشريك في تمش إصلاحي يعمل علي إرساء مجتمع ديمقراطي يفسح فيه المجال واسعا للذكاء والإبداع ذكر أن المشروع الرئاسي يتصف بالشمولية والتكامل، وهو مشروع جعل من الثقافة قاعدة للتنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وأضاف إننا نطمح إلى جعل القطاع منتجا ويشجع على الإبداع والتحديث ، فالثقافة تؤسس لمجموعة من القيم والمفاهيم وتحرك المجتمع وتدفعه إلي مزيد الإبداع ومواكبة التحولات الجارية، وتخدم التنمية في مفهومها الشامل، وهو طموح لا يمكن له أن يتحقق إلا عبر توظيف أمثل لطاقاتنا الإبداعية. توجيه الدعم والترويج للمنتوج الثقافي وركز عدد من المتدخلين على مسألة دعم الوزارة للإنتاج الثقافي، متسائلين عن مدى وجود مقاييس لذلك؟ وفي ردوده بين الوزير أن أساليب الدعم و التمويل التقليدية التي تركز علي ميزانية الدولة دون سواها لم تعد قادرة علي تغطية تكلفة الإنتاج في مختلف القطاعات وهذا ما جعل رئيس دولة يأذن بأن تضاف إلى مجلة تشجيع الاستثمار عدة امتيازات لفائدة المشاريع الثقافية. وأبرز أن دعم المصنفات في مختلف مجالات الإبداع والفنون من غناء وموسيقي ومسرح وغيرها يخضع لعدة مقاييس فنية ويتم تحت إشراف لجان وطنية. وذكر الوزير أنه سيقع الشروع في انجاز دراسة إستراتيجية حول الصناعات الثقافية ستفضي إلى وضع خطة تهدف إلى النهوض بهذه الصناعات وتشجيع الخواص علي المبادرة والاستثمار في الصناعة الثقافية في مختلف مجالات الفنون والنشر وهذا من شأنه أن يساهم في تشجيع الإبداع وإنتاج المضامين الثقافية الراقية والقادرة علي المنافسة. وشدد أيضا، علي أهمية العمل من اجل تطوير أساليب وطرق الترويج للمنتوج السياحي الثقافي التونسي وذلك عبر توظيف الوسائط الجديدة والتقنيات الحديثة في الحملات الاتصالية والترويجية مشددا على ضرورة الترويج لتونس كوجهة سياحية ثقافية، فالثقافة منتوج سياحي مستقل بذاته وليست منتوجا عرضيا. وأشار في هذا الإطار إلى أن الوزارة بصدد إعداد خطة تهدف إلى تطوير هيكلة المهرجانات الدولية بان يكون لها إدارة مستقلة ومستمرة بما يجعلها قادرة على ضبط برمجة مسبقة يمكن ترويجها بالتعاون مع وكالات الأسفار. الارتقاء بالإنتاج السينمائي والمسرحي وتساءل البعض عن واقع الإنتاج السينمائي والمسرحي فأوضح الوزير أنه وفي ما يتعلق بقطاع السينما، فإنه وفي إطار دعم تمويل وإنتاج الفن السابع تم تخصيص سنة 2010، لتكون سنة السينما، وفي هذا المجال بعثت آلية جديدة لدعم إنتاج الأفلام الوثائقية، وانطلاق تعميم العرض الرقمي في القاعات السينمائية، والتركيز على إعداد القاعات التي ستحتضن الدورة القادمة لأيام قرطاج السينمائية علاوة عن تشكيل لجنة متخصصة لانجاز المكتبة الوطنية السينمائية للحفاظ على الأرشيف السينمائي الوطني. وفي خصوص الفن الرابع، بين الوزير أن المسرح التونسي يمر اليوم بفترة انتقالية وهو لا يشهد تراجعا سواء في عدد المسرحيات أو في النوعية، بل علي العكس هناك بعض الظواهر الايجابية ، ولابد من التعامل بأريحية مع الإنتاج المسرحي للجيل الجديد. وشدد على ضرورة العمل من أجل إحياء أو عودة الروح إلى المسرح المدرسي والجامعي، وذلك من خلال التعاون مع وزارتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي . وأشار إلى انه سيقع مراجعة طرق الدعم من اجل المساهمة في إنتاج أعمال جيدة، وتنظيم العلاقة بين الاحتراف والهواية إضافة إلى تقييم تجربة كل من المسرح الوطني ومراكز الفنون الدرامية. وردا على سؤال لأحد المتدخلين حول النشاط الثقافي في الجهات ، ذكر الوزير أن هناك مجهودات مبذولة من أجل أن يكون لكل جهة لون أو ميزة ثقافية خاصة بها وفي هذا الإطار بين أنه سيتم إعادة هيكلة اللجان المحلية والجهوية حتى تكون قادرة على وضع برمجة هادفة ومتميزة تراعي بالأساس وفي المقام الأول خصوصية الجهة. ودعا بالمناسبة النسيج الجمعياتي إلى المشاركة في وضع الخطط والبرامج الثقافية الجهوية. وأكد من جهة أخرى أن مدينة الثقافة ستكون من المؤسسات الثقافية المرجعية نظرا لتنوع مكوناتها وثرائها، حيث ستحتوي على قاعات للأوبرا والمسرح ومتحف للفنون المعاصرة باعتبارها فضاءات ثقافية تشكل المكونات الأساسية لهذا المشروع الكبير . حماية الملكية الفكرية والفنية وفي مجال حماية الملكية الأدبية والفنية التي أثارها البعض من المشاركين في الحوار، بين الوزير أنه تم توفير الإطار القانوني لحماية حقوق المبدعين التونسيين الأدبية والمالية في مجالات الأدب والفنون والعلوم بمقتضى قانون الملكية الأدبية والفنية الصادر سنة 1994 والذي تم تنقيحه سنة 2009 كي تتلاءم أحكامه مع اتفاقية بارن”حقوق المؤلف” فضلا عن توسيع نطاق الحماية لتشمل فناني الأداء ومنتجي التسجيلات السمعية أو السمعية البصرية وهيئات البث الإذاعي والتلفزي “الحقوق المجاورة” وذلك في ضوء الالتزامات الإقليمية والدولية الواردة بالاتفاقيات ذات الصلة. ودعما لهذا التوجه أحدثت المؤسسة التونسية لحماية حقوق المؤلفين وهي مؤسسة عمومية متعددة الاختصاصات تعنى بالتصرف الجماعي في حق المؤلف عن طريق نظام الانخراط والتصريح بالمصنفات ونظام إيداع المصنفات. وأكد الوزير فى الختام على أهمية المنزلة التي تحظي بها الثقافة في المشروع المجتمعي للرئيس زين العابدين بن علي وان السياسة الثقافية تقوم علي ثنائية الإنصات والحوار مع مختلف المتدخلين في القطاع من مبدعين ومكونات المجتمع المدني ، من أجل التأكيد على أن بقاء تونس منارة ثقافية دائمة، كما أراد لها ذلك الرئيس زين العابدين بن علي في برنامجه “معا لرفع التحديات”.