القى السيد محمد نبيل الصديق القاضي بالمحكمة الابتدائية باريانة خلال الموكب الذي اشرف عليه الرئيس زين العابدين بن علي عليه اليوم السبت بمناسبة افتتاح السنة القضائية الجديدة محاضرة تحت عنوان "الصلح بالوساطة والعقوبات البديلة دعامة لحقوق الانسان". وأبرز المحاضر ما شهدته منظومة حقوق الإنسان منذ التغيير من تطور مطرد على طريق تعزيز ضمانات صون كرامة الإنسان وحقوقه وذلك إيمانا من رئيس الدولة بأن حقوق الانسان تمثل عنوانا حضاريا وضرورة أخلاقية وسياسية لتحقيق إنسانية الإنسان واستكمال مقومات الكرامة في حياة الشعوب. ولاحظ ان التوجه الحديث في السياسة الجزائية الوطنية يقوم على استبعاد العقوبات السالبة للحرية وتعويضها بعقوبات بديلة، ذلك أن العقاب في النظام الجزائي التونسي لم يعد يهدف فقط إلى تحقيق الردع العام بل أصبح كذلك وسيلة لتقويم سلوك المحكوم عليهم، مشيرا إلى ان العقوبات البديلة تعد أكثر إنسانية من العقوبات التقليدية، فهي تدعم كرامة الإنسان وتساهم أيضا في إدماج المحكوم عليهم في المجتمع. وتناول بالتحليل آلية الصلح بالوساطة التي أقرها المشرع بموجب القانون عدد 93 المؤرخ في 29 اكتوبر 2002 ،المنقح في 12 أوت 2009 باعتبارها بديلا للإجراءات الجزائية التقليدية، مبينا ان هذه الآلية تهدف إلى ضمان جبر الاضرار الحاصلة للمتضرر من الأفعال المنسوبة الى المشتكى به، مع اذكاء الشعور لديه بالمسؤولية والحفاظ على ادماجه بالحياة الاجتماعية. وتطرق المحاضر الى العقوبات البديلة كتوجه حديث في نظام العقوبات مبرزا حرص الرئيس زين العابدين بن علي منذ التغيير على دعم حقوق الإنسان كخيار تجسد من خلال التعديل الدستوري الجوهري المؤرخ في غرة جوان 2002 الذي نص على جملة من المبادئ التي تضمن حقوق الإنسان وتسمو بها إلى المرتبة الدستورية وبين أن عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة التي تعد عقوبة بديلة لعقوبة السجن، تعتبر كسبا هاما في مجال حقوق الإنسان بوصفها خير وسيلة لتأهيل وإصلاح المحكوم عليهم وإدماجهم في المجتمع مع المحافظة على كرامتهم. وأفاد أن هذه العقوية أمكن تطبيقها في 1058 قضية خلال السنة القضائية 2009-2010 وأشار من ناحية أخرى إلى ان ارساء عقوبة التعويض الجزائي التي أقرت بمقتضى القانون عدد 68 المؤرخ في 12 أوت 2009 يندرج في إطار تطوير المنظومة الجزائية بتوسيع مجال العقوبات البديلة موضحا أن المشرع اعتبر عقوبة التعويض الجزائي عقوبة أصلية أضافها إلى سلم العقوبات الواردة بالفصل 5 من المجلة الجزائية. وهي تهدف الى استبدال عقوبة السجن المحكوم بها بتعويض مالي يلزم المحكوم عليه بأدائه لمن ترتب له ضرر شخصي ومباشر من الجريمة.