تكريسا لمبدإ حقوق الإنسان والارتقاء بالسياسة العقابية الجزائية والتقليص من نسبة العود ونسبة الجريمة تم اتخاذ مجموعة من الاجراءات من أهمها التعويض الجزائي وتطوير الآليات البديلة للسجن لما تتضمنه من دور اصلاحي ولأن الوظيفة الاساسية للعقوبة لا تقتصر على الزجر وانما تهدف أساسا الى اصلاح المحكوم عليه وتأهيله وإعادة ادماجه داخل المنظومة الاجتماعية. فقد شهدت المجلة الجزائية ومجلة الاجراءات الجزائية تعديلا هاما بموجب القانون عدد 68 لسنة 2009 المؤرخ في 12 أوت 2009 المتعلق بارساء عقوبة التعويض الجزائي وتطوير الآليات البديلة للسجن وفي هذا الصدد تم توسيع نطاق اجتهاد المحكمة عند ممارسة سلطتها التقديرية في اختيار العقوبة البديلة للسجن وذلك من خلال إدراج : - أولا: عقوبة التعويض الجزائي الذي يلزم المحكوم عليه بأداء تعويض للمتضرر في الجريمة في اجل معين ويقع إقرار عقوبة السجن إذا لم يتم التعويض خلال الاجل المحدد. -ثانيا تطوير عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة. والتي تسمح بتجنب عقوبات السجن قصيرة المدة لبعض الجرائم واستبدالها بعقوبات بديلة تحفظ كرامة الانسان. وتحافظ على ادماجه في المجتمع ونظرا لعدم تطبيق هذا الاجراء بصفة موسعة اعتبارا لبعض الصعوبات الاجرائية فقد وقع التخلي عن بعض الشروط في هذا التطبيق واضافة بعض الجرائم التي يمكن فيها اعتماد العقوبة البديلة. ولتكريس قيم التسامح والتضامن باعتبارها أهم مقومات المجتمع المدني فقد تم اعتبار الصلح بالوساطة آلية من الآليات القانونية لتسوية النزاعات الجزائية خلال مرحلة التتبع الجزائي وقبل المحكمة. وتسمح هذه الآلية لوكيل الجمهورية باعتباره سلطة تتبع بدعوة الطرفين للتصالح قبل إثارة الدعوى العمومية سواء ببادرة منه أو بطلب من أحد الطرفين أو من محامي أحدهما. واعتبارا لنجاح هذه التجربة تضمن القانون عدد 68 لسنة 2009 المؤرخ في 12 أوت 2009 التوسيع في قائمة الجرائم التي يمكن أن تكون محل صلح بالوساطة. ومن أهم الجرائم المضافة هي السرقة المجردة والبسيطة والتي لا تنم عن تأصل النزعة الاجرامية في المتهم. تعويضات تيسيرا لادماج المحكوم عليه في الحياة الاجتماعية والمهنية تم التنصيص على عدم ادراج عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ببطاقة السوابق العدلية عدد 3 التي تسلم لمن يطلبها. كذلك الاحكام التي تم محوها باسترداد الحقوق والاحكام التي يؤذن في شأنها بتأجيل العقاب والاحكام القضائية بالسجن لمدة لا تتجاوز 6 أشهر أو بالخطية التي لا تتجاوز 60 دينارا. وفي ما يخص التعويضات للموقوف أو المحكوم عليه في حال ثبوت براءته فانه يتحصل على تعويض جملي عن الضرر الحاصل له اذا أثبت حقيقة الضرر وجسامته وأنه ناتج مباشرة عن الايقاف التحفظي أو عن تنفيذ عقوبة السجن وتراعى في تقدير التعويض مدة الايقاف أو مدة العقوبة المقضاة فعلا بالسجن وكل الظروف الواقعية.