عقد مجلس النواب الثلاثاء بقصر باردو جلسة حوار مع الحكومة تراسها السيد فؤاد المبزع رئيس المجلس وحضرها السيد عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة على التراث تمحورت حول “تاصيل الهوية وانصهارها في الحداثة التظاهرات الثقافية ونشر صورة تونس الحضارية”.وابرز السيد فؤاد المبزع لدى افتتاحه اشغال الجلسة اهتمام المجلس بالشان الثقافي الوطني الذي يشكل احد اركان المشروع المجتمعي الحضارى الذي ارسى دعائمه الرئيس زين العابدين بن علي. واكد ان رئيس الدولة جعل من الثقافة اداة لمصالحة التونسي مع ذاته ليؤصله في هويته العربية الاسلامية المتحررة والواعية بعيدا عن مظاهر الانغلاق والتعصب ويفتح امامه في الان ذاته افاق الابتكار والابداع والانخراط الجاد في مسار الحداثة. واضاف ان الخيار الثقافي في تونس يرتكز على الجمع بين تاصيل الهوية والانخراط في الحداثة وهو خيار تجسمه الاصلاحات العميقة والاجراءات الرائدة والحوافز الهامة التي ما فتئت تغير المشهد الثقافي الوطني. وفي مداخلاتهم ثمن النواب ما تشهده الحركة الثقافية من تطور وتنوع في البرامج والتظاهرات الفكرية والفنية في مختلف جهات البلاد. واشادوا في هذا السياق بالتظاهرات المبرمجة في اطار احتفالية القيروان عاصمة الثقافة الاسلامية لسنة 2009 منوهين بالعرض الافتتاحي “القيروان الخالدة”. وتطرقوا من جهة اخرى الى مشاركة مختلف الجهات في الاحتفاء بمرور مائة سنة على ميلاد كل من شاعر تونس الخالد ابي القاسم الشابي والشيخ العلامة الفاضل ابن عاشور والاديب علي الدوعاجي فضلا عن الاحتفال بمائوية المسرح التونسي مقترحين توثيق هذه التظاهرات بالاعتماد على وسائل التكنولوجيات الحديثة. واستاثر المعرض الدولي للكتاب باهتمام النواب حيث استفسروا عن جديد دورته الحالية مثمنين اقرار الرئيس زين العابدين بن علي تنظيم استشارة وطنية حول الكتاب والمطالعة. وفي ما يتعلق بالاحتفال بشهر التراث تساءل النواب حول مشاركة المجتمع المدني في هذه التظاهرة. واستفسروا في جانب اخر عن الدور الذي تضطلع به المؤسسات المرجعية في المجال الثقافي في نشر صورة تونس الحديثة في الخارج مستوضحين في سياق اخر خطة الوزارة لدعم التظاهرات الكبرى مثل ايام قرطاج المسرحية والسينمائية ومهرجان قرطاج الدولي. كما حظي موضوع الحوار مع الشباب باهتمام النواب حيث تساءل احدهم عن مدى سعي وزارة الثقافة والمحافظة على التراث الى مزيد استقطاب هذه الفئة والعمل على تعزيز تشريكها في مختلف البرامج والتظاهرات الثقافية. وفي رده على تدخلات النواب اشار السيد عبد الرؤوف الباسطي الى الزخم الثقافي الذى تشهده تونس هذه السنة لاسيما وانها سنة سياسية مهمة وثقافية متميزة مبرزا ان هذا الزخم نتاج لتمشي ومنهجية وفكر اصلاحي بدات خطاه تتوالى منذ التغيير الذى اولى للثقافة واهلها كل العناية والرعاية. واضاف ان حرص رئيس الدولة على تحقيق المصالحة بين التونسي وهويته يمكن من مواجهة تحديات العصر والانخراط في الحداثة. واكد من جهة اخرى ان اقتراح المنظمة الاسلامية للتربية والثقافة والعلوم تخصيص سنة 2009 للاحتفاء بالقيروان عاصمة للثقافة الاسلامية اعتراف باهمية الدور الذي اضطلعت به عاصمة الاغالبة في تطوير الحضارة الاسلامية وتقدير لدور تونس التغيير في نشر قيم الاسلام واشاعة ثقافة الاعتدال والحوار والتسامح والتضامن. واوضح في هذا الاطار ان التظاهرات الكبرى التي تشهدها القيروان على امتداد سنة 2009 لن تكون ظرفية خاصة وانه تمت اعادة تاهيل المركب الثقافي اسد ابن الفرات وانشاء مركز تقديم تراث القيروان بالاضافة الى ترميم العديد من المعالم والمسالك التراثية مما سيمكن من جعل القيروان وجهة للسياحة الثقافية. وبخصوص الاحتفاء بمائوية الشابي لاحظ الوزير انه احتفال بالشعر التونسي في ماضيه وحاضره كما انه يرمي الى مزيد التذكير بمكانة الرموز الثقافية في سياق الحركة الادبية والفكرية في تونس وخارجها مذكرا بان الاحتفال بمائوية الشابي انطلقت يوم 24 فيفرى الماضي الذى يوافق يوم ميلاده لتختتم يوم 9 اكتوبر تاريخ وفاته. كما اشار في السياق نفسه الى احتفال تونس هذه السنة ايضا بمائوية الشيخ العلامة الفاضل ابن عاشور والاديب علي الدوعاجي بالاضافة الى الاحتفاء بمائوية المسرح التونسي مبديا حرص الوزارة على توثيق مختلف هذه التظاهرات من خلال جمع كل الدراسات والبحوث التي ستقدم في اطارها واصدارها في منشورات. واعلن في هذا الاطار انه سيتم العمل على انجاز “بوابة الثقافة التونسية” باللغات العربية والفرنسية والانقليزية والتي ستمكن من التعريف بكل مبدعي تونس واعلامها في مختلف المجالات الثقافية مع تضمنها معطيات يجرى تحيينها حول التظاهرات الثقافية التي تحتضنها البلاد من مهرجانات ومؤتمرات وندوات دولية. وبخصوص معرض تونس الدولي للكتاب ذكر الوزير انه سينطلق يوم 24 افريل الجارى ليتواصل الى غاية يوم 3 ماى المقبل وسيشهد مشاركة العديد من البلدان العربية والاجنبية مبرزا دور هذه التظاهرة السنوية في التعريف بما تزخر به تونس من انشطة ثقافية متنوعة وذلك من خلال استضافتها للعديد من الكتاب والمبدعين المعروفين في الساحة الثقافية الدولية. واشار الى ان هذا المعرض سيتضمن تنظيم يوما دراسيا حول “الكتاب الالكتروني”. كما سيتم من جهة اخرى تخصيص جناح لمدينة القدس احتفاء بها عاصمة للثقافة العربية سنة 2009. وافاد في حديثه عن شهر التراث ان انطلاقته ستكون هذه السنة من مدينة القيروان وذلك يوم 18 افريل الجارى مشتملا على 400 تظاهرة في مختلف جهات الجمهورية تجمع بين الندوات واللقاءات الفكرية والمعارض بمشاركة بارزة لمكونات المجتمع المدني. وفي ما يتعلق بالمؤسسات المرجعية في المجال الثقافي اكد الوزير انها تضطلع بدور محورى في نشر صورة تونس الناصعة في الخارج مستعرضا في هذا الصدد ما يقوم به المجمع التونسي للعلوم والاداب والفنون”بيت الحكمة” من جهود لاستقطاب المثقفين والمبدعين التونسيين والاجانب للحوار وتقديم المقترحات من اجل تعميق الانتماء الفكرى وتعزيز تواصل التونسي مع موروثه الحضارى الى جانب انفتاحه على الاخر. واستعرض ايضا الجهود التي يقوم بها كل من المركز الوطني للترجمة في ابراز الانتاجات الوطنية المكتوبة بترجمتها وتسهيل ترويجها في الخارج وكرسي بن علي لحوار الحضارات والاديان في دعم صورة تونس المتسامحة والمتفتحة على الاخر. ولدى تعرضه الى ايام قرطاج المسرحية والسينمائية ومهرجان قرطاج الدولي اكد الوزير العزم على مزيد اثراء هذه التظاهرات الهامة في تونس والتي تساهم في تدعيم اشعاع بلادنا في الخارج. وحول الحوار مع الشباب وما يتميز به من بعد ثقافي ابرز السيد عبد الرؤوف الباسطي ان هذا الحوار كما اراده رئيس الدولة هو في جوهره مشروع ثقافي يبرز اهتمام شبابنا بقضايا تاصيل الهوية والكيان والانفتاح على الحداثة.