امتنع الرئيس الامريكي جورج بوش عن تقديم اعتذار عن المعاملة الوحشية التي تعرض لها معتقلون عراقيون مكتفيا بتقديم سلسلة من «الوعود» بمحاكمة مقترفي الفظاعات التي شاهدها العالم عبر وسائل الاعلام المختلفة. وفي مقابلتين منفصلتين مع محطتي «الحرة» و»العربية» تحدث بوش عن استمرار الوجود العسكري الامريكي في العراق وعن نقل السلطة ومعركة الفلوجة والمواجهة مع مقتدى الصدر وعن احتمال ضرب دول عربية أخرى مجددا من جهة أخرى دعمه لخطة شارون التي وصفها بأنها تقدم باتجاه احلال السلام. وفي المقابلتين مع قناة «الحرة» الممولة من الإدارة الامريكية ومع قناة «العربية» حاول الرئيس الامريكي ايصال رسالة الى الرأي العام العربي مفادها ان التعذيب الذي تعرض له المعتقلون العراقيون كان سلوكا شاذا «لا يليق» بأمريكا.. **مهدئات ولا اعتذار ولم يتفوه الرئىس الامريكي في تصريحاته (المتطابقة تقريبا) لمحطتي «الحرة» و»العربية» بأي كلمة اعتذار للشعب العراقي عن حملة التعذيب والاذلال بحق المعتقلين العراقيين. بل ان بوش سعى في المقابل الى تبرئة الجيش الامريكي كمؤسسة عسكرية و»تنزيهه» عن الممارسات التي وقعت في معتقل «ابوغريب» وغيره. وتعهد الرئىس الامريكي بتحقيق شامل وشفاف قائلا ان الكل سيعرف الحقيقة. ووصف بوش قوات الاحتلال في العراق ب «الشريفة» حيث انها تعمل حسب رأيه على تحقيق الحرية والديمقراطية للعراقيين معتبرا ان تصرفات افراد لا تؤثر على صورة امريكا معترفا بأن تلك الصور يمكن ان تغذي مشاعر العداء للولايات المتحدة في العالم العربي وبعد ان وعد بتحقيق شامل قال بوش «ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته» في اشارة الى مقترفي الاعمال الوحشية ضد المعتقلين العراقيين. وتابع الرئىس الامريكي الذي حاول بقدر الامكان تهدئة المشاعر الغاضبة انه طلب من وزير الدفاع اعطاء توجيهات (للقوات الامريكية في العراق) لمعرفة ابعاد عمليات التعذيب والتنكيل هناك. ومع ان الكشف عن الفضيحة الجديدة التي اضيفت الى سجل الانتهاكات الامريكية لحقوق الانسان قد تأخر لعدة اشهر فإن الرئىس الامريكي اعتبر ان ادارته تحركت بسرعة لمعالجة هذه الفضيحة التي قال انها لا تمثل امريكا المتعاطفة مع الآخرين والمؤمنة بالحرية « على حد تعبيره. وحسب تعبيره ايضا فإن «على الشعب العراقي ان يعرف انه في ظل نظام ديمقراطي لا تكون كل الامور ممتازة وان هناك اخطاء ترتكب. **الاحتلال.. الفلوجة.. الصدر و»القاعدة» وتعهد بوش بالمناسبة بأن لا تغادر القوات الامريكية العراق حتى تتم مهمتها وهي احلال الحرية والسلام للشعب العراقي على حد قوله. وجدد في المقابلتين ما قاله سابقا حول تصميمه على نقل السلطة للعراقيين في نهاية جوان المقبل رافضا في الاثناء الطرح القائل بأن السياسات الامريكية في العراق تشجع تنظيم «القاعدة» على شن مزيد من الضربات. وقال في هذا السياق تحديدا ان «القاعدة» تبحث عن اي مبرر وتكره الحرية وترغب في قتل العراقيين. وقال ايضا ان العراقيين ملوا من وجود من سماهم الغرباء الذين وصفهم بالقتلة. ولم ير بوش في ما الت اليه معركة الفلوجة اخفاقا لقوات الاحتلال معتبرا ان الحل الذي تم التوصل اليه يصب في اتجاه تشجيع العراقيين على الامساك بزمام الملف الامني في اطار عملية «نقل السلطة». وتحدث الرئيس الامريكي كذلك عن المواجهة مع مقتدى الصدر قائلا: لقد تعبنا من رؤية الصدر يحتل المواقع (الشيعية) المقدسة. وقال ان الشعب العراقي تعب من هذا الوضع معتبرا ان انصار الصدر يريدون الانفراد بالسلطة. وقال ان الشعب العراقي «سيتعامل» مع الصدر واعدا بأن لا تنتهك القوات الامريكية الاماكن الشيعية المقدسة. **خيارات أمريكية وردا على سؤال «حول مشروع الشرق الأوسط الكبير» وحول ما إذا كان هذا المشروع يشمل خططا لضرب دول عربية أخرى مثل سوريا قال بوش أن الخيار العسكري هو الخيار الأخير وطرح «بديلا» لهذا الخيار وهو تعزيز الحرية ودعم الاصلاحات والترويج لديمقراطية بمواصفات تتطابق ومتطلبات الدول العربية دون اللجوء الى استخدام القوة. وبعد أن قال أن الديمقراطية التي يدعو اليها المشروع ليست نسخة من الديمقراطية الغربية اعتبر بوش أن العراق ضرب وتعرض للغزو لأنه كان «حالة منفردة» ولأن صدام حسين تحدى العالم واختار الحرب وهدد باستخدام أسلة الدمار الشامل حسب تعبيره. **ضمانات لشارون... لا شيء للعرب وبخصوص القضية الفلسطينية وردا على سؤال حول ما اذا كانت ادارته ستقدم ضمانات للعرب مثلما قدمت ضمانات لشارون قال الرئيس الأمريكي أنه لم يغير من رؤيته التي تقوم على أساس قيام دولة فلسطينية الى جانب الكيان الصهيوني. ووصف بوش خطة شارون المسماة «خطة فك الارتباط» والتي تشمل انسحابا من قطاع غزة مقابل تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية بانها «قرار قوي وحازم ومهم يعطي دفعا لعملية السلام ويصب في اتجاه التسوية». وبالنسبة الى بوش فإن تنفيذ خطة شارون يمثل فرصة للفلسطينيين لبناء مؤسساتهم في اطار دولة فلسطينية «مسالمة» وربط بوش مساعدة الفلسطينيين على اقامة الدولة الموعودة بظهور «قيادة فلسطينية سلمية».