يبدو أن صور تعذيب الأسرى العراقيين على أيدي جنود الاحتلال الأمريكي في سجن أبو غريب ستفجّر أزمة حقيقية داخل إدارة الرئىس الجمهوري جورج بوش بدأت بوادرها بتوجيه توبيخ إلى وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وهو التوبيخ الأول الذي يعلن عنه الرئىس الأمريكي ضد مسؤول كبير في إدارته فيما طالب المرشح الديمقراطي للانتخابات الأمريكية جون كيري إدارة بوش بتحمّل مسؤولياتها كاملة إزاء هذه القضية. ويأتي ذلك غداة التصريحات التي أدلى بها بوش في حديث تلفزيوني في مسعى منه لاحتواء الغضب العربي والعالمي الذي أعقب بث صور السجناء المهينة. **توبيخ رامسفيلد ذكرت صحيفتان أمريكيتان أمس أنّ الرئىس الأمريكي جورج بوش وبخ وزير الدفاع دونالد رامسفيلد في اجتماع خاص بسبب عدم إبلاغه بأمر صور إساءة معاملة معتقلين عراقيين في سجن أبو غريب ونقلت صحيفتا واشنطن بوست ونيويورك تايمز عن مسؤولين في البيت الأبيض أن بوش أعرب لرامسفيلد عن استيائه وذلك في اجتماع خاص جرى بينهما صباح أمس الأول في البيت الأبيض. وقال مسوول بارز طلب عدم الكشف عن اسمه لصحيفة واشنطن بوست إن الرئيس الأمريكي كان مستاء جدّا وبشكل خاص لأنه لم يعلم بحجم الإساءات التي يرتكبها الجنود الأمريكيون بحق المعتقلين سوى من التقارير الإخبارية. غير أن المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان قال أمس إنّ الرئىس الأمريكي جوج بوش كامل الثقة في وزير دفاعه دونالد رامسفيلد وهو ما أكده بوش أيضا في وقت لاحق. وقد دُعي رامسفيلد ومسؤولون آخرون في وزارة الدفاع منهم رئىس هيئة الأركان الجنرال ريتشارد مايرز إلى الإدلاء بشهاداتهم أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ حول مسألة المعتقلين العراقيين اليوم الجمعة. وطالبت زعيمة الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي وزير الدفاع الأمريكي بتقديم استقالته لأنه أخفى فضيحة تعذيب الأسرى العراقيين. وفي سياق متّصل ذكر مصدر مقرب من وزير الخارجية الأمريكي كولن باول أن هذا الأخير يعاني من الإرهاق ولا يرغب في العمل مع الرئيس جورج بوش لفترة رئاسية ثانية. وقال الجنرال الأمريكي المتقاعد لري ويلكرسون وهو من كبار مساعدي وزير الخارجية الأمريكي إن باول متعب ذهنيا وجسديا وإذا طلب منه بوش مواصلة العمل لفترة ثانية فإنه قد يواصل لكني لا أعتقد أنه يريد العمل أربع سنوات أخرى. وصوّر ويلكر سون باول على أنه منهك ومحبط ومتألم ومتضايق من جدول أولويات بوش ولكنه الرجل البراغماتي شبه الوحيد في إدارة يسيطر عليها «الإيديولوجيون» لكن ريتشارد باوتشر المتحدث باسم وزارة الخارجية نفى أن يكون باول متعبا مشيرا إلى أنه في حال انتخاب بوش لفترة ثانية فإنّ باول سيواصل عمله.. وكا باول قد صرّح «لقد هرعنا جميعا نحدث العالم العربي عن صدمتنا من الصور التي ظهرت وتكشف عن سلوك لا يمكن قبوله». **مسؤولية بوش ودعا المرشّح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية جون كيري من جانبه الرئىس الجمهوري جورج بوش إلى تحمّل مسؤولياته كاملة بشأن قضية سوء معاملة الأسرى العراقيين. وقال كيري في ندوة صحفية في لوس أنجلس إنه «على الرئىس الأمريكي أن يقدّم توضيحا للعالم وأن يتحمّل مسؤولياته وإذا كان ذلك يتطلب تقديم اعتذارات عن سلوك هؤلاء الجنود وعما جرى فعليه أن يفعل» غير أن الرئىس الأمريكي امتنع في مقابلتين منفصلتين مع قناتي «العربية» و»الحرة» أمس الأول عن تقديم اعتذار عن المعاملة الوحشية التي تعرض لها السجناء العراقيون مكتفيا بتقديم وعود بملاحقة المذنبين وجدد بوش أمس «التعبير عن أسفه» لهذه الانتهاكات وقال إنه كان ينبغي إبلاغه بذلك. وأضاف كيري «علينا أن نثبت للعالم أننا مستعدون لإصلاح أخطائنا وأننا مستعدون لتحمل مسؤولياتنا عن أفعال لا تتوافق مع قيمنا» وطالب السيناتور الديمقراطي بفتح تحقيق عاجل حول الممارسات المهينة المرتكبة في حق الأسرى العراقيين وأكد كيري أن هذه الفضيحة تنسف جهود الولاياتالمتحدة في المنطقة وقد تعرّض الجنود الأمريكيون لمزيد من الخطر». وخصصت الصحف الأمريكية من جانبها أمس حيزا هاما لإبداء الغضب على تصرفات الإدارة الأمريكية إزاء قضية تعذيب الأسرى. وأبدت صحيفة واشنطن بوست تشدّدا ملفتا أزاء وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد وكتبت الصحيفة أن صور التعذيب التي أساءت المهمة الأمريكية في العراق كان من الممكن تجنبها لو اتخذ رامسفيلد قبل ذلك إجراءات إثر المعلومات التي كان حصل عليها حول سوء المعاملة في السجون لكنه بدلا من ذلك نفى علنا أو حاول التقليل من أهمية الموضوع.