نظمت دار الجمعيات الطبية بالسليمانية يوم الجمعة الفارط (بفضاء المدرسة السليمانية) يوما دراسيا حول موضوع الطقوس العلاجية بالزوايا ومقامات الاولياء، بمشاركة بعض الاساتذة الجامعيين والباحثين في مجال التراث. الجلسة العلمية الاولى التي ترأسها الاستاذ عبد الحميد لرش تطرقت للموضوع المدروس من زوايا مختلفة لكنها متكاملة، إذ استهل الاستاذ لطفي عيسى بمداخلة (الاولياء من خلال المناقب) رمت الى تفكيك النص المنقبي من خلال تفسير معجمي للمنقبة والتساؤل عن كيفية تنظيم المناقب؟ ومن خلال التأمل في نصوص المناقب التي تبين أنها مروية شفوية لا تكترث بزمن الرزنامة». * الممارسة العلاجية بسيدي علي بن عون حول بعض الممارسات العلاجية بالزوايا ومقامات الاولياء توضح الاستاذة مريم خير الدين التي اتخذت من الممارسات العلاجية بسيدي علي بن عون موضوعا لمداخلتها، أن الوظيفة العلاجية لزاوية سيدي علي بن عون (بسيدي بوزيد) لا ترتبط بموارد نباتية أو بمنبع ماء استشفائي مثلما هو الشأن في الزوايا الاخرى وإنما وظيفتها العلاجية تقتصر على الجوانب النفسية والعصبية مثل معالجة المصروعين والمملوكين من قبل الجان. علاج الصرع يبرز أهم الامراض التي تسعى للمعالجة داخل هذا الفضاء المحدد والذي لا يتم أيضا إلا في ظل توفر بعض الشروط (أن نؤمن بالولي... أن نوليه الاهمية...) وتؤكد الباحثة أن أكثر المرتادين لهذه الزوايا هم من النساء وأن طرق علاج الصرع تتم عن طريق الحضور ليلا في حرم الزاوية يكون خلاله الانشاد يتخذ نسقا تصاعدي تمجد الولي (مملوك للّي مالكني وكي نوصل يسلّكني). * العجز الجنسي أيضا وتذكر الباحثة أيضا أن أهم الامراض التي تخضع للطقوس حالات «الربط» هي حالات من العجز الجنسي يرجع أسبابها إما الى فصل سحري يهدف الى كبت القدرة الجنسية أو كأن تدخل نفساء على عروس أو تعقد عروس لعروس أخرى أو بممارسة طقوس سحرية تقام على استعمال جملة من الاشياء وحرق نوع معين من البخور. وغالبا ما تتم طرق العلاج في «الحضرة» مع التنبيه على أهمية الايقاع والرقص والالتفاف الجماعي حول هذا المصاب وهي كلها طقوس تعاد بفترة متواترة وتمتد الى أشهر وأعوام. وعن الممارسات العلاجية بسيدي الحلفاوي يوضح الاستاذ ياسين كرامتي (هي الزاوية التي توجد بباب الخضراء والتي هي عبارة عن مجموعة من الفضاءات)، أن الممارسة العلاجية بسيدي الحلفاوي تعتمد على الكي لمعالجة البوصفير والفجعة والامراض الجلدية. ويكون الكي بالمثنات (عود) 3 مرات على كل يد ثم 3 مرات فوق الرقبة ثم 7 مرات أو كيّات على البطن ثم على المفاصل، أو بواسطة خيط يلف حول الرقبة والملاحظ كما يؤكد ذلك هذا الباحث أن عملية انتقاء الكي لها علاقة بالتسلسل الوراثي. مداخلات أخرى ثرية وهامة تطرقت الى الطقوس العلاجية (مداخلة الاستاذة صلوحة إينوبلي) والى الممارسات العلاجية بللاّ عربية (الأستاذة آمال الربيعي) وللاستخدام العلاجي للمادة القماشية في بعض الزوايا بجهة بنزرت تؤكد وجود جملة من الممارسات الشعبية بإمكاننا أن نقرأها قراءات متعددة.