جرت صباح امس في روما بقصر الكويرينالي محادثات بين الرئىس زين العابدين بن علي والرئىس الايطالي كارلو ادزيليو تشامبي تلاها موكب تبادل وسائل التصديق على معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون التونسية الايطالية التي تدخل اليوم حيز التنفيذ. واثر ذلك ادلى الرئىس زين العابدين بن علي لوسائل الاعلام الوطنية والايطالية والعالمية بتصريح جاء فيه: «لقد سعدنا بلقاء فخامة الرئىس كارلو ادزيليو تشامبي مجددا والتحادث معه في جو من الودّ والتفاهم اكد عمق ومتانة العلاقات القائمة بين بلدينا الصديقين والتي تستمد جذورها من ارث تاريخي وحضاري مشترك ومن انتماء الى نفس الفضاء المتوسطي. وكان هذا اللقاء فرصة ثمينة لتجسيم الطابع المتميز لهذه العلاقات وما يحدونا جميعا من عزم على تعزيزها على اساس التشاور والحوار والتعاون والتنمية المتضامنة. وقد استعرضنا مختلف مجالات التعاون الثنائي الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وفي مجال التبادل البشري وما سجله هذا التعاون من تطوّر مطرد بما يؤكد المكانة التي تحتلها ايطاليا ضمن شركاء تونس ويعمق الروابط المتينة التي تجمع بينهما. واذ نعرب بهذه المناسبة عن ارتياحنا للمستوى الجيد الذي بلغه التعاون بين بلدينا فإننا نتطلع الى مزيد تطوير هذا التعاون خاصة في مجالات الهجرة والاستثمار والسياحة والتكنولوجيا والبنية الاساسية. وفي هذا السياق تندرج معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون التي نعرب عن ارتياحنا لدخولها حيز التنفيذ باعتبارها اطارا جديدا لإثراء علاقاتنا الثنائية وتكريس تطلعات شعبينا الى بناء فضاء متوسطي يسوده الامن والاستقرار والتضامن والازدهار. والى جانب القواسم المشتركة التي تجمع بيننا وانتمائنا لنفس الفضاء المتوسطي عبّرت لصديقي فخامة الرئىس تشامبي عما توليه تونس من اهتمام كبير لعلاقاتها مع الاتحاد الاوروبي لاسيما وقد بلغ اتفاق الشراكة التونسية الاوروبية مرحلة متقدمة في مسيرة انجازه كما اكدت له حرصنا على استكمال تأهيل اقتصادنا الوطني للاندماج في الفضاء الاوروبي المتوسطي وكسب رهان هذه الشراكة التي نعتبرها خيارا جوهريا لمستقبل بلادنا. كما تطرقنا الى ما يشهده عالمنا اليوم من تحديات وتحوّلات متسارعة وضرورة تضافر جهود الاسرة الدولية من اجل تكريس الاهداف السامية لميثاق الاممالمتحدة وتعزيز السلم والاستقرار والرخاء في كامل انحاء العالم ودعم سبل الحوار والتفاهم بين الشعوب والاديان والحضارات وترسيخ قيم التسامح. وفي استعراضنا لمجمل القضايا الاقليمية والدولية اعربت عن انشغال تونس ازاء ما تشهده الاوضاع في الاراضي الفلسطينية المحتلة من تصعيد خطير بما يستوجب من الاممالمتحدة والاطراف الفاعلة ومنها الاتحاد الاوروبي التحرك السريع لتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني وتهيئة الظروف المناسبة لاستئناف المفاوضات وتطبيق خارطة الطريق بما يمكن الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه الوطنية ويفتح المجال لتحقيق سلام عادل وشامل ودائم لكافة شعوب المنطقة. كما اعربت عن انشغال تونس لتدهور الاوضاع الامنية في العراق وضرورة اضطلاع الامم التحدة بدورها كاملا في استكمال المرحلة السياسية الحالية ونقل السلطة الى العراقيين في اقرب الآجال في كنف الاستقرار والوحدة. وتناول لقاؤنا من جهة أخرى ضرورة ايجاد الآليات المناسبة للنهوض بالتنمية البشرية في كل انحاء العالم ومقاومة الاختلالات المتفاقمة بين الدول مثل انشاء الصندوق العالمي للتضامن لمكافحة الفقر ولتقليص الهوة الرقمية بين الدول الغنية والفقيرة والاستفادة الجماعية من التقدم الحاصل في مجال تكنولوجيات المعلومات والاتصال وتوظيفه في الخطط التنموية وهو ما سيكون موضوع القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي ستحتضنها تونس في نوفمبر 2005 ونحن نأمل ان تكون ايطاليا الصديقة خير سند لنا في الاعداد لهذه التظاهرة المهمة وانجاح فعالياتها. وأود في الختام ان اعرب من جديد عن سعادتي بزيارة ايطاليا وعن خالص شكري للرئىس تشامبي وللشعب الايطالي الصديق لما حظينا به والوفد المرافق من حسن استقبال وكرم وفادة راجيا لعلاقات الصداقة والتعاون بين تونس وايطاليا المزيد من التطوّر والرسوخ». وعبّر الرئىس الايطالي من ناحيته للرئىس زين العابدين بن علي عن مشاعر الصداقة القوية مذكرا بزيارته لتونس في اكتوبر 2001 وقال ان لتونس وإيطاليا تبادلا مثمرا يغذيه ميل طبيعي للتعايش ومعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون التي تدخل اليوم حيز التنفيذ. وبعد ان ندد بالعنف الذي مازالت تعيشه المنطقة الشرقية للمتوسط عبر عن الأمل في ان يعود المتوسط مجددا فضاء للاتصال البنّاء بين الشعوب يجمع بين كل البلدان التي تتقاسم سواحله. واشار الى ان تونس تعد نموذجا في التمسك بالاصالة وبقيم الاسلام المبنية على التسامح من جهة ونبذ الارهاب والتطرف من جهة أخرى. وأفاد انه تم خلال المحادثات مع الرئيس زين العابدين بن علي التطرق الى مستقبل العلاقات بين اوروبا والعالم العربي والى قضية الشرق الأوسط والوضع في العراق. وابرز من جهة أخرى ضرورة الانطلاق بالحوار الاورومتوسطي في اطار مناخ حقيقي من الشراكة وقال في ختام تصريحه «تبرهن تونس على امكانية الجمع بين احترام التقاليد الثقافية وانجاز تنمية اقتصادية واجتماعية تقوم على اسس احترام كرامة الانسان والتضامن والنموذج الذي تقدمه تونس مدعاة للثقة في مستقبل العلاقة بين ايطاليا وأوروبا والعالم العربي».